للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بني أَوْد، وكتَمَ أمرهم عن القوّاد من الشيعة أربعين يومًا، وكتب إلى المدينة إلى آل أبي طالب، وأقام منتظرًا جوابهم. وكان أبو العباس كلما أرسل إليه في ظهورهم يقول: ما آن لكم أن تخرجوا بعدُ. وكان أهل خراسان إذا سألوه عن الإمام يقول: نحن في انتظاره.

ولمَّا طال الأمر على أبي العباس أرسل إلى أبي سلمة يقول: أنا الليلةَ آتيك، فقال أبو سلمة لأسد بن المرزبان وسَلْم مولى قحطبة: إذا أتاني الليلة رجل من صفته كذا وكذا، فتحدَّث معي، وقمتُ وتركته، فاقتلوه؛ فإنه يريد أن يفسد علينا ما قد عزَمنا عليه، وجاءه أبو العباس فقال له: ما السببُ في كونك أقدَمْتنا وتُماطلُنا؟ وتناظرا ساعةً، فغضب أبو سلمة وأشار إلى القوم، ففهم أبو العباس، فتعلق بثوبه وضاحَكَه، وقام فخرج معه، ولما عاد أبو العباس إلى أهله قال: الآن أفلتُّ منه، وفي عزمه صَرفَ الأمر إلى غيرنا، فقال داود بنُ علي وأخوه عبد الله: الرأيُ أن تخرج فتعلم الشيعة والقوّاد بك (١).

ذِكْر ظهورهم

لما قوي أمرُ الدعاة بخراسان وشارفوا العراق استدعى أبو سَلَمة بني العباس إلى الكوفة، وصيَّرهم في منزله في سرداب، وكان يراعي الأخبار، وكان الدعاة يُؤمرون بقصده إذا ظهروا على الكوفة؛ ليُعرِّفهم الإمامَ فيسلِّمون الأمر إليه.

فلما أوقع قحطبة بابن هُبَيرة الوقعة العظيمة على الفرات، وغرق قحطبةُ، وانهزم ابنُ هبيرة إلى واسط، ودخل ابنا قحطبة الكوفةَ، وطلبا أبا سلمة وخرج إليهما، قالا: أين الإمام؟ أخرِجه إلينا، فقال: لم يحضر الوقتُ الذي يجوز فيه ظهورُه، وأخفى الأمر عن بني العباس، وعزم على نقل الأمر إلى بني فاطمة على نبيِّنا وعليها الصلاةُ والسلام، وكاتَبَ جماعةً منهم، فتأخَّروا عنه.

وساء ظنُّ بني العباس به، فاحتالوا حتى أخرجوا مولى لهم أسود كان معهم في السرداب، وقالوا: اعرفْ لنا الأخبارَ، فخرج وعاد، فعرَّفهم أن قحطبة غرق، وأن


(١) انظر أنساب الأشراف ٣/ ١٥٦.