للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفيها] توفِّي

[جعفر بن الفضل]

[ابن جعفر] (١) بن محمد بن الفرات، أبو الفضل، المعروف بابن حِنْزابة، الوزير، وُلدَ سنةَ ثمانٍ وثلاث مئة، ونزل مصر، وتقلَّد الوزارة لكافور الإخشيدي، وكان أبوه وزيرَ المقتدر، وسمع الحديث ورواه، وشرع في تصنيف مسند، وبلغ الدارقطنيَّ، فسافر من بغداد إلى مصر، فأقام عنده مدةً يصنِّف له المسند، فحصل منه مالًا كثيرًا، ومن شعره: [من البسيط]

مَنْ أخمَلَ النَّفْسَ أحياها ورَوَّحها … ولم يبِتْ طاويًا منها على ضَجَرِ

إنَّ الرياحَ إذا اشتدَّتْ عواصِفُها … فليسَ ترمي سوى العالي من الشَّجَرِ

وكانت وفاته بمصر في ربيع الأول، حدَّث عن محمد بن هارون الحضرمي وغيرِه، وكان يَذكُرُ أنه سمع [من] (٢) البغويِّ جزءًا أو مجلسًا ولم يكن عنده، وكان يقول: من جاءني به أغْنَيتُه. وكان يملي الحديث بمصر، وروى عنه الدارقطني وغيرُه، وكان فاضلًا ثقةً جوادًا، مُكرِمًا لأهل الحديث، يبعثُ في كلِّ سنة إلى أهل الحرمين بمالٍ وطعامٍ وكسوةٍ، واشترى دارًا بالمدينة إلى جانب مسجد رسول الله ، وأوصى إذا مات أن يُدفَنَ بها، وسمَحَ له الأشرافُ بذلك لإحسانه إليهم، ولمَّا مات بمصر حُمِلَ تابوتُه إلى مكة في الموسم، وطافوا به طواف القدوم، ثم خرجوا به إلى عرفة ووقفوا به، ثمَّ ردُّوا به إلى مكة، فطافوا به طواف الزيارة، وحملوه إلى المدينة، فتلقَّاه الأشراف، وحملوا تابوته إلى الروضة، وصلّوا عليه، وطافوا به حول الحجرة، ودفنوه في داره.

[وقد ذكرنا أنه حدَّث عن الحضرمي، وحدَّث أيضًا عن محمد بن سعيد البُرجُمي وإبراهيم بن الحارث بن الغَمْر الحمصيين، سمع منهما بحمص، وذكره الحافظ ابن عساكر في "تاريخه"] (٣).


(١) ما بين حاصرتين من النسخ سوى (خ)، ومن مصادر ترجمته، وهي: تاريخ بغداد ٧/ ٢٣٤ - ٢٣٥، والمنتظم ١٥/ ٢٨ - ٢٧، ومعجم الأدباء ٧/ ١٦٣ - ١٧٧. وينظر السير ١٦/ ٤٨٤.
(٢) ما بين حاصرتين من معجم الأدباء ٧/ ١٦٦.
(٣) وهو في القسم المفقود منه. وينظر مختصر تاريخ ابن عساكر ٦/ ٧٧ - ٧٨.