للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مقتل يحيى ]

واختلفوا فيه:

قال وهب: بعث عيسى يحيى في نفرٍ من الحواريين يعلِّمون الناس الأحكام، وكان فيما نَهَوهم عنه نكاح الأخت، وابنة الأخت، وكان لملكهم ابنة أخ يُعجبُ بها، فأراد نكاحها، فمنعه يحيى ، فسكر يومًا، وقال لها: اسألي حاجتك. وكان لها كل يوم حاجة مقضية. فقالت أمها: اسأليه رأس يحيى في طشت. فامتنع، فألحت عليه، وغاب عقله، فراودها فامتنعت، فأمر بذبحه، فذبح وجيء برأسه في طشت، والرأس يتكلم، ويقول: لا يحل لك نكاحها. فلما أصبحوا إذا الدم يغلي، فألقوا عليه التراب وهو يغلي حتى بلغ سور المدينة، فغزاهم ملك، فأقام مدة يحاصر بيت المقدس، فلم يقدر عليهم، فعزم على الرجوع، فخرجت إليه عجوز من بني إسرائيل، فقالت: أتحب أن تفتح المدينة؟ اقسم عسكرك أربعة أرباع (١) في كل ناحية ربعًا، وارفع يديك إلى السماء وقل: إنا سنفتحك بالله وبدم يحيى بن زكريا. فإذا فتحتها فاقتل على دمه حتى يَسكُن، فإن حيطان البلد تتساقط. ففعل، ففتح الله البلد ودخل (٢)، فجاءت بهم العجوز فأرتهم موضع الدم وهو يفور، فقتل عليه سبعين ألفًا حتى رقأ، فقالت له: ارفع يديك، فإنَّ الله إذا قُتِلَ نبيٌّ لم يرض حتى يقتُلَ من قتله ومن رضي بقتله (٣).

وقال السُّدي: واسم الملك الذي أخذ بثأر يحيى: خردوس. وقيل: بخت نصر، وهو وهم.

وقال الربيع بن أنس: كان للملك ابنة، فرأت يحيى فأحبته، فأرسلت إليه تراوده عن نفسه، فأبى، فراودته مرارًا وهو يمتنع، فخافت أن يشيع ذلك عنها، فقالت لها أمها: إذا سألك أبوك حاجة، فقولي: رأس يحيى. فقالت له: تذبح يحيى. وندمت، وجعلت


(١) في (ب) و (خ): أقسام.
(٢) في (ب): ودخلوا.
(٣) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٨١ - ٣٨٢، و"الكامل" ١/ ٣٠٢.