للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكُونَ عَبدُه كَذلِك، وإنَّ الله خَلَقكُم، ورزَقَكُم، فاعبُدُوه، ولا تُشرِكُوا به شَيئًا.

وآمُرُكُم بالصَّلاةِ، فإنَّ الله يَنصِبُ وجهَهُ لِعبدِهِ ما لم يَلتَفِت، فإذا صَلَّيتُم فلا تَلتَفِتُوا.

وآمُرُكُم بالصِّيامِ، ومَثَلُ ذَلِكَ كرجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ مِن مِسكٍ في عِصَابةٍ، كُلُّهُم يَجِدُ رِيحَ المِسكِ، وإنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّاِئمِ عِندَ الله أَطيَبُ من رِيحِ المِسكِ.

وآمُرُكُم بالصَّدقَةِ، فإنَّ مَثَلَ ذلِكَ كَمَثلِ رَجُلٍ أسرَهُ العَدُوُّ، فَشدُّوا يَدَيِهِ إلى عُنُقِهِ (١) وقدَّمُوهُ ليَضرِبُوا عُنُقَهُ، فَقالَ لَهُم: هَل لكُم أن أَفتَدِيَ نَفسِي مِنكُم؟ فَجَعلَ يَفتَدِي نَفسَهُ مِنهُم بالقَلِيلِ والكَثير حَتَّى فَكَّ نَفسَهُ.

وآمُرُكُم بِذِكرِ اللهِ تعالى كَثيرًا، وإنَّ مَثلَ ذَلِكَ كَمَثلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ العَدُوُّ سرَاعًا في أثرِهِ، فأتَى حصنًا حَصينًا، فَتَحصّنَ فيه، وإنَّ العَبدَ أحصَنُ ما يكُونُ مِن الشَّيطانِ إذا كَانَ في ذِكرِ الله.

قال: وقال رسول الله : "وأنَا آمُرُكُم بِخَمسٍ اللهُ أمَرني بِهِنَّ: الجَماعَة، والسَّمع، والطَّاعَة، والهِجرَة، والجِهاد في سَبيلِ الله، فإنَّهُ مَن خَرجَ مِن الجَماعَةِ قِيْدَ (٢) شِبرٍ فقد خَلَعَ رِبقَةَ الإسلامِ مِن عُنُقِهِ إلا أن يَرجعَ، ومَن دَعَا بِدَعوى جَاهِليَّةً، فَهُو مِن جُثَا جَهنَّمَ" قالوا: يا رسول الله، وإنْ صَامَ وصَلَّى؟ قَالَ: "وإن صَامَ وصَلَّى وزَعَمَ أنَّه مُسلِمٌ، فادعُوا المسلمِين بأسمائِهم بَل بِما سمَّاهُم الله تعالى المسلمين المُؤمنين عِبَادَ اللهِ" (٣).

و"جُثَا" بجيم: من قوله تعالى: ﴿وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: ٧٢]. وهذا الحارث بن الحارث أبو مالك الأشعري أخرج له أحمد في "المسند" هذا الحديث ولم يخرج له غيره. وقد ذكرنا وقائع يحيى مع الشيطان في صدر الكتاب.

* * *


(١) في (ك) و (خ): عنده والمثبت من (ب).
(٢) في (ك) و (خ): قدر والمثبت من (ب).
(٣) "مسند أحمد" (١٧١٧٠).