للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورثاه المرتضى فقال: [من المتقارب]

وقد خطفَ الموتُ كلَّ الرجالِ … ومثلُكَ من بيننا ما خَطَفْ

وما كنتَ إلَّا أبِيَّ الجوارِ (١) … على الضيمِ محتميًا بالأَنَفْ (٢)

خليًّا من العارِ صِفْرَ الإزارِ … مدى الدهرِ مِنْ دنَسٍ أو نَطَفْ (٣)

[أبو طاهر]

ابن دِمْنة، صاحب آمِد، قد ذكرنا مبدأَ حالِه، وقتلَه لابنِ مروان صاحبِ ميَّافارقين، وقتْلَه لعبد البر شيخِ أمِد، واستيلاءَه عليها، وأقام من سنة سبع وثمانين وثلاث مئة إلى هذه السنة ثمانيًا وعشرين سنة، وكان يصانع ممهِّد الدولة بن مروان وشروة، فلمَّا قتلَ شروةُ ممهِّدَ الدولة وولي أخوه أبو منصور بعثَ إليه قائدًا يُقال له: مريخ -من قوَّاد ابن دِمْنة- بهدايا، فاتَّفقَ مع أبي منصور على قتْلِه، فقتَلَه، وقد ذكرناه، وقَتَلَ فرَّاشٌ لابن دِمْنة مريخا. وجاء ابن مروان إلى آمِد، وأغلق أولادُ مريخ في وجهه الباب، حتى سلَّم إليهم الفرَّاش فقتلوه، ودخل آمِد واستولى عليها، فكان يقيم بها ستة أشهر، وميَّافارقين ستة أشهر.

[السنة السادسة عشرة وأربع مئة]

فيها في السنة الماضية كان صاحبُ مصر قد سيَّر إلى محمود بن سُبُكْتِكين خِلَعَ السَّلطنة، فبعث بها محمود إلى القادر، وتبرَّأ من صاحب مصر، فجمع القُضاةَ والأشرافَ والجندَ وغيرَهم، وأخرج الخِلَعَ إلى باب النُّوبي، وكانت سبعَ جِبابٍ وفَرَجيَّةً ومركبَ ذهبٍ، وأُضرِمَتِ النارُ، وأُلقيتِ الثيابُ فيها، وسُبِكَ المركبُ، فظهرَ منه أربعون ألف دينار وخمسَ مئة. وقيل: أخرج منه دراهم هذا العدد والمقدار، فتصدَّق بها على ضعفاء بني هاشم، وعاب الناسُ ذلك.

وفيها استولى العيَّارون ببغداد على الجانبين، وخصوصًا أهل الكَرْخ، فكبسوا الدُّور والخاناتِ، ونهبوا الأموال، وكانوا يكبِسون الدُّور بالليل بالشمع والمشاعل، وخرج


(١) في المنتظم: الجنان.
(٢) الأنَف: العزة والحمية.
(٣) النَّطَف: العيب والفساد.