للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجارة المجانيق، وأمر بمَجالِسِه وبُسُطه أن تُحْرقَ فأحرقت.

وفيها (١) قُتل محمَّد الأمين وولي المأمون.

[الباب السابع في خلافة المأمون]

هو عبدُ الله بن هارونَ الرشيد، المأمونُ على دِين الله، وكنَّاه أبوه أبا العباس، فلمَّا ولي الخلافةَ اكتنى بأبي جعفر، لِعظَم المنصور عندهم تفاؤلًا بطول عمره، وأمُّه أمُّ ولد يقال لها مراجل، تركية، وقيل: رومية، وقيل: باذَغيسية، ومولدُه بقصر الخُلْدِ ببغداد، وقيل: بالياسِريَّة، منتصفَ ربيع الأوَّل سنةَ سبعين ومئة، وماتت أمُّه في نِفاسها، وقيل: بعد ولادتِه بأيام، فضمَّه هارون إلى سعيدٍ الجوهريِّ مولاهم، فأرضعته امرأته حيةُ بلِبان ابنها يحيى بنِ سعيد، ثم ترعرع، فجمع له أبوه العلماءَ من الآفاق، وأدَّبه أبو محمَّد اليزيدي، وبرع في العلوم، وحفظ القرآنَ والحديثَ والفقه والعربيةَ والطبَّ والنجوم وعلومَ الأوئل، فأُعجب به أبوه، واستخلفه على الرقَّة لما غزا الرومَ سنةَ إحدى وثمانين ومئةٍ وهو ابن إحدى عشرة سنة، ثم غزا معه هِرَقْلةَ سنة إحدى وتسعين أو سنة تسعين ومئة.

[وحكى الخطيب (٢) عن القاسم بنِ محمَّد بن عبادٍ قال: سمعت أبي يقول:] لم يحفظ القرآنَ من الخلفاء سوى اثنين: عثمان بن عفان، والمأمون (٣).

[ذكر صفة المأمون:

روى ابنُ أبي الدنيا أنَّه كان] رَبعَة (٤) أبيضَ طويلَ اللحية، في عينيه كسرة، تعلوه صُفرة، على خدِّه خالٌ أسود، قد وَخَطَهُ الشيب. وقيل: كانت ساقاه من دون جسده صفراوين كأنَّهما طُليا بزَعْفَران.

و [قال الهيثم:] كان أحول، وسمِّي المحدود، وسببُه أنَّه دخل يومًا (٥) على أبيه


(١) من بداية السنة إلى هنا ليس في (ب).
(٢) في تاريخه ١١/ ٤٤٠، وعنه تاريخ دمشق ٣٩/ ٢٢٩، والمنتظم ١٠/ ٥٢، وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) تعقب هذا القول ابن كثير في البداية والنهاية ١٤/ ٢١٨، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٢٦.
(٤) في (خ): وكان المأمون ربعة، والمثبت من (ب)، والخبر في تاريخ بغداد ١٠/ ٤٣٢.
(٥) في (ب): ويسمى بسبب حده قال الصولي: دخل يومًا …