الشّيباني قد أَنْجَد الحُطَم، ثم تخلَّى عنه، ثم نازل العلاء حصنَ جُواثا مدّةً فماتوا جوعًا، وقَصد جماعةٌ من الكفار دَارِين، فركبوا إليها في السُّفُن، فتحصَّنوا بها.
وقال سيف بن عمر: خرج الحُطَم بمَن اتَّبعه على الردة من بكر بن وائل، فنزل القَطيف وهَجَر، وانضمَّ إليه مَن كان بها من الزُّطَّ والسَّبابجة، وبعث بعثًا إلى دارِين، وأرسل إلى الغَرور أن سِرْ إلى جُواثا واثبُت، فإن ظفرتُ مَلَّكتُك البحرين؛ كما كان النعمان ملك الحيرة.
وقال سيف: مات المنذر بن ساوى بعد وفاة رسول الله ﷺ بقليل، وارتدَّ بعد موته أهلُ البحرين، فأمّا عبد القيس ففاءت بعد رِدّتها، وأما بكر فأقامت على رِدّتها، وكان الجارود بن المُعَلّى قد قَدم على رسول الله ﷺ المدينة فأسلم، وأقام عنده حتى تَفقَّه، ثم عاد إلى عبد القيس، فلما مات رسول الله ﷺ، قالت عبد القيس: لو كان نبيًا ما مات، فقام الجارود فيهم خطيبًا، وقال: يا قوم هل تعلمون أنه كان لله أنبياءُ فيما مضى؟ قالوا: نعم، قال: فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا، فقال: إن محمدًا مات كما ماتوا، وإني أشهد أنه رسول الله، فقالوا: ونحن أيضًا نشهد كذلك، وأنت سيَّدُنا وأفضَلُنا.
قصة دارِين
وهي في البحر، بينها وبين الساحل يومٌ وليلة، يُركب إليها في خليج في البحر، ولمّا انهزم طائفةٌ من المشركين إليها جاء العلاء إلى الخليج وقد أخذوا السُّفُنَ إليهم، فصلى ودعا، وسأل الله تعالى، ونزل فخاضه والمسلمون معه، فكأنما يَمشون على الرَّمْل، فحاصروها، وفتحوها، فقَتلوا المقاتِلة، وسبوا الذرية، وأخذوا الأموال والغنائم، فبلغ سَهمُ الفارس ستّه آلاف، والرّاجل ألفين، ولما فتحها العلاء قال للناس: مَن أحبَّ أن يُقيم فليُقِمْ، ومَن أحبّ أن يَرجع إلى أهله فليرجع، فرجع البعض، وأقام البعض، وكان فيمن رجع ثُمامة بنُ أثال الحَنفيّ، وكان قد نَفَّلَه العلاء خَميصةَ الحُطَم، وكانت ذات أعلام، وكان الحُطَم يُباهي بها، فنزل ثُمامة على ماء لبني قيس بن ثعلبة وعليه خَميصةُ الحُطَم، فقالوا له: هذه خَميصةُ الحُطَم، وأنت قَتَلْتَه، فعَدَوْا عليه، فقتلوه بالحُطَم.