للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنةُ التاسعةَ عشْرةَ بعد المئتين

فيها ظهر محمدُ بن القاسمِ بن عُمرَ بن علي بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالبٍ بالطَّالقَانِ يدعو إلى الرِّضا من آل سيِّدنِا رسولِ الله ، واجتمع إليه خلقٌ كثير، فبعث إليه عبدُ الله بن طاهرٍ من خُراسانَ جيوشًا، فكانت بينهم وقعات، ثم هزمه قوَّادُ ابنِ طاهر، فمضى يريد بعضَ كُوَر خُراسان، وكان قد كاتبه أهلُها، فلما كان بنَيسابورَ (١) دخلها رجلٌ ممن كان معه، وكان من أهل نَسَا [فأَخبرهم بأمره] (٢) وأنَّه قاصدٌ إلى كُورة كذا وكذا، فمضى أبو الرِّجال (٣) إلى والي نَسَا فاخبره، فخرج والي نسا وأخذ ابنَ القاسم وأَوثقه وبعث به إلى ابن طاهر، فبعث به ابنُ طاهرٍ إلى المعتصم، فقدم بغدادَ في ربيعٍ الآخر، فحُبس مضيَّقًا عليه، ثم وسِّع عليه، فلمَّا كانت ليلةُ عيد الفطرِ اشتغل الموكَّلون به عنه، فدُلِّي إليه حبلٌ من كوة الحبس، فهرب، فلمَّا افتقدوه لم يجدوه، فنادَى منادي المعتصم: مَن جاء به فله مئةُ ألفِ درهم، فلم يُعرَف له خَبَر.

وقال الطبري (٤): حُبس عند مسرورٍ الكبيرِ في مكانٍ مقدارَ ثلاثةِ أَذْرُعٍ في ذراعَين، فمكث فيه ثلاثةَ أيام، ثم حوِّل إلى مكانٍ أَوسع [منه]، وأُجري عليه طعام، ووكِّل به مَن يحفظه.

وفيها قدم إسحاقُ بن إبراهيمَ إلى بغدادَ من الجبل يوم الأحد لإحدى عشْرةَ ليلةً خلت من جُمادى الأُولى، ومعه الأَسرى من الخُرَّميَّة وغيرِهم ممَّن استأمن، بعد أن قتل منهم مئةَ ألفٍ سوى النساءِ والصبيان.

وفيها غلب الزُّطُّ بأرض البصرة، واحتملوا الغلَّاتِ من كَسْكَرَ وما يليها من ناحية البصرة، وأَخافوا السبيل، وقتلوا وأَخذوا المال، فبعث إليهم المعتصمُ عُجيفَ بن عَنْبسةَ في جيشٍ كثيف، فخرج من بغدادَ في جمادى الآخرة، ورتَّب بريدًا على


(١) في تاريخ الطبري ٩/ ٧، وابن الأثير ٦/ ٤٤٣: بنسا. ولعلَّه الصواب. وما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من النسخ، وانظر تاريخ الطبري.
(٣) في تاريخ الطبري: فمضى أبو ذلك الرجل. وفي تاريخ ابن الأثير: فمضى الأب.
(٤) في تاريخه ٩/ ٧.