للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة الخامسة والأربعون وثلاث مئة (١)

فيها وزر أبو محمد المُهَلَّبي لمُعزِّ الدولة، وزاد في إقطاعه.

وفيها أوقع الروم بأهل طَرَسوس في البحر، وقتلوا منهم ألفًا وثمان مئة رجل، وأحرقوا القرى التي من حولها، وسَبَوا، أهلها.

وفيها خرج رُوزْيَهان الدَّيلَمي على معز الدولة، وكاشفه بالعصيان، وكان بالبَطيحَة يقاتل عمران بن شاهين الخارجي، فسار أبي الأهواز، وكان أخوه بلكا بشيراز، فجاهروا كلهم بالعصيان، وكانت القلاع بأيديهم.

وجهَّز معز الدولة إلى الأهواز الوزير المُهَلَّبي لقتاله، فلما وصل إليه استأمن رجال الوزير إلى روزبهان، فانحاز الوزير بمن معه، وأظهروا ما كان في نفوسهم عليه من العَتْب، وكاشفوه، وشرعوا يستأمنون إلى روزبهان.

فخرج معز الدولة يوم الخميس لسبع خلون من شعبان من بغداد متوجِّهًا إلى قتال روزبهان، ولم يبق مع الوزير المُهَلَّبي من الدَّيلَم أحد، فانصرف إلى الأُبُلَّة، وخرج المطيع إلى معز الدولة [لأن ناصر الدولة] بن حَمْدان [لما بلغه] خروج معز الدولة (٢) والخليفة من بغداد حَدَّث نفسَه بقَصْدها، فبعث المطيع الحاجب الكبير من واسط إلى بغداد بين يديه، ووصل إلى تكريت ومعه أخ له، وشَغَب الدَّيْلَم ببغداد، وأسرع الحاجب في استقراض أموال التُّجَّار.

وفي يوم الخميس لثلاثٍ خَلَوْن من شَوَّال وصل كتابُ معز الدولة إلى بغداد بأنه واقَعَ روزبهان بقَنْطَرة أرْبُق من الأهواز يوم الاثنين سَلْخَ رمضان، وأنه أسر روزبهان وبه ضَربات، وأسر قُوَّاده، وفعل وفعل، فاشتد على الدَّيلم وقالوا: نَعَم، دَجاجٌ كالكواكب عليهم مِكَبَّة (٣)! فلما تَيقَّنوا الخبر ضَعُفت نفوسهم.

وكان معزّ الدولة قبل الحرب منعهم من عبور القَنْطَرة، فما عبر معه إلا القليل ممَّن يَثق به، وكان اعتماده على غلمانه الأتراك، وقاتل طول النهار بنفسه، فلما كان في آخر النهار صَدق الحملةَ بنفسه فرزقه الله الظَّفَر، فأسروا رُوْزبهان وقُوَّاده، وقتلهم قتلًا


(١) في (م): بعد الثلاث مئة.
(٢) ما بين معكوفين من الكامل ٨/ ٥١٤.
(٣) كذا العبارة في (خ).