للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت: إنَّ زوجها سافر ومعه شريكٌ له ثم قدم، فزعم أن زوجها مات، وأَوصى إلى شريك له إنْ ولد له غلام يسمِّيه: لا دين، فسأل سليمان عن الشريك وطلبه، فحضر بين يديه وقال له: ما هذا؟ وهدده فاعترف بأنه قتل أبا الغلام، فقتله سليمان (١).

فصل في تعليمه منطق الطَّير

روى أبو صالح عن ابن عباس في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾ [النمل: ١٦] كما نفهم لغة بني آدم. وقال مقاتل: كان سليمان جالسًا فمرَّ به طائر يرفرف ويصيح، فقال سليمان لجلسائه: هل تدرون ما يقول هذا الطائر؟ قالوا: الله أعلم وأنت يا نبيَّ الله، قال: إنه يقول: السلام عليك أيها الملِكُ المسلَّط على بني إسرائيل، أعطاك الله الكرامة وأظهرك على عدوِّك، إني لمنطلق إلى فراخي وأعودُ إلى خدمتك. قال سليمان: وإنَّه سَيرْجع إلينا. قال: ومضى الطائر ثُمَّ عاد فوقف على سليمان، ثم قال لسليمان: أيها الملك إن أَذنتَ في أن أكتسب لفراخي حتى يشبُّوا ثم آتيك فافعل بي ما شئتَ، فأخبرهم سليمان بما قال وأَذِنَ لهُ.

وقال فرقد السبخي: مرَّ سليمان على بلبل وهو على شجرة يحرك رأسه ويترنم ويميل ذنبه فقال: هل تدرون ما يقول؟ قالوا: لا، قال: إنه يقول: أكلت اليوم تمرة فعلى الدنيا العفاء. وقد ذكر الثعلبي "في تفسيره" العَجَائبَ من هذا الجنس، والله أعلم (٢).

فصل في ممرّه على وادي النمل وغيره

قال الله تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ [النمل: ١٧].

قال مقاتل: ﴿يُوزَعُونَ﴾ أي: يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا.

قال مجاهد: كان قد جعل الله على كل صنف منهم وَزَعةً يحبسون أُولاهم على


(١) أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (٣٠١)، وأبو نعيم في الحلية ٨/ ٢٧٦، وهو في الأذكياء ٢٦ - ٢٧.
(٢) "تفسير الثعلبي ٧/ ١٩٣ فما بعدها، وانظر "عرائس المجالس" ص ٢٩٦ - ٢٩٧.