للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة الثانية والثمانون بعد المئتين (١)

فيها في المحرَّم أمر المعتضد بتغيير نَيروز العَجم الَّذي هو افتتاحُ الخراج، وأخَّره إلى حادي عشرين حزيران (٢)، وسمَّاه النَّيروز المعتضدي، وقصد بذلك الرِّفق بالرَّعيَّة [والترفيه عليهم]، فأنشأ الكتب بذلك، [وقرئت بالآفاق]، ومنع النَّاس مما كانوا يعملونه في كلِّ سنة من إيقاد النِّيران، وصبِّ الماء على النَّاس في ذلك اليوم، فكان ذلك من أحسن أفعال المعتضد في الإسلام؛ حيث أزال سُنَّة المجوس وأطفأ نارهم.

وفيها لليلتين خلتا من المحرَّم قدم ابن الجصَّاص بقطر النَّدى بنت خُمارويه من مصر ومعها أحد عمومتها، فأنزلت في دار صاعد، وكان المعتضد غائبًا بالموصل.

وفيها (٣) كتب المعتضد من الموصل إلى إسحاق بن أيوب وحمدان بن حمدون في المصير إليه، فأمَّا إسحاق فسارع إلى ذلك، وأما حمدان فتحضَّن في بعض قِلاعه، وغيَّب أمواله وحُرَمَه، فوجَّه إليه المعتضد وصيف مُوشْكير ونصر القُشوريّ وغيرهما، فصادفوا الحسين (٤) بن حَمْدان في قلعة تُعرف بالزَّعْفَران، فطلب الأمان وسلَّم إليهم القلعة، فهدمها وصيف، وسار يطلب حمدان في زورق في دجلة ومعه مال، فعبر إلى الجانب الغربيِّ من دجلة وصار إلى ديار ربيعة؛ ليلحق بالأعراب الذين كانوا هناك لما حيل بينه وبين أكراده الذين في الجانب الشرقيّ، وعبر في إثره عدد يسيرٌ من الجند، فاقتفَوا أثره حتَّى عرفوا مكانه، وكان قد نزل في ديرٍ هناك، فلمَّا علم بهم ألقى نفسه في زورق كان هناك ومعه كاتبُه زكريا بن يحيى النَّصراني، وخلَّف المال في الدَّير، فأخذه أصحاب المعتضد وحملوه إلى المعتضد، وتبعه عسكر وَصيف في الماء وعلى الظَّهر، فلمَّا رآهم خرج من الزَّورق هاربًا إلى ضَيعةٍ له شرقي دجلة، فأخذ دابَّةً لوكيله، وسار ليلته إلى أن وافى مَضْرِب إسحاق بن أيوب في عسكر المعتضد مُستجيرًا به، فأجاره


(١) من هنا بدأت نسخة (م ١)، وأولها: الجزء السابع من مرآة الزمان، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
(٢) في تاريخ الطبري ١٠/ ٣٩، والمنتظم ١٢/ ٣٤٣: الحادي عشر من حزيران.
(٣) من هنا إلى ذكر دخوله بقطر الندى ليس في (م).
(٤) في (خ) و (ف): يحيى. والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ٣٩، والكامل ٧/ ٤٧٠.