للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحضره إلى المعتضد، فأمر بالاحتراز عليه، وبثَّ الخيل في طلب أسبابه، فظفروا بكاتبه وعدَّةٍ من أهله وغلمانه، وتتابع رؤوس الأكراد في الدُّخول في الأمان في آخر المحرَّم، وعاد المعتضد إلى بغداد.

ذكر دخوله بقَطْر النَّدى بنت خُمارويه:

ولخمس (١) خلون من ربيع الأول نُقلت [قطر النَّدى] إلى التَّاج المعتضدي، وذلك لأنَّه لمَّا كان يوم الأحد نودي في جانبي بغداد: لا يعبر أحدٌ في دجلة يوم الأحد، وأُغلقت أبواب الدُّروب التي على الشَّطّ، ومُدَّ على الشَّوارع النَّافذة إلى دجلة شراع بحافَّتي دجلة، ومنع من ظهور النَّاس من دورهم التي على الشَّطِّ.

فلمَّا كان وقت العتَمة وافت سفينةٌ من التَّاج المعتضدي فيها خدم (٢) معهم الشُّموع، فوقفوا عند دار صاعد، وقد أعدَّت أربع حَرَّاقات، وأنزلت قطر النَّدى في حَرَّاقة، وحُملت إلى المعتضد، فأقامت بالدَّار حتَّى دخل بها ليلة الثلاثاء لخمسٍ خلون من ربيع الأوَّل.

ذكر ما نقل من جهازها:

[قال الصُّولي:] نقل أبوها في جَهازها ما لم يُر مثله، كان من جملته أربعة آلاف تِكَّة مجوهرة، وعشر صناديق جواهر وتحف، وقُوِّم ما كان معها فكان ألف ألف دينار وعشرين ألف ألف درهم، [وأعطى أباها مئة ألف ألف دينار، وقال: اشترِ لها به من تحف العراق ما تحتاج إليه، وكان المعتضد حمل صداقها إلى مصر ألف ألف درهم] وأنواعًا من الطِّيب، ولطائف الهند والعراق شيئًا كثيرًا، وبعث لخُمارويه خُفًّا فيه جوهر لم يُر في الدُّنيا مثله، ووشاحين، وتاجًا، وإكليلًا، وقَلَنْسوة، وقَباءً كلُّه مكلَّل بالدُّر والجوهر.

وكان ابن الجصَّاص قد حبس بعضَ الجواهر عنده، وقال لقطر النَّدى: الزمان لا يُؤمن، والوقت لا يدوم على حال، فيكون هذا لكِ عندي ذخيرة، وماتت قطر النَّدى، فأخذ ابنُ الجصَّاص الجواهر [التي كان احتبسها عنده لقطر النَّدى]، ثم أخذها منه


(١) في تاريخ الطبري ١٠/ ٤٠، والمنتظم ١٢/ ٣٤٣: ولأربع.
(٢) في النسخ: حرم. والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ٤٠، والمنتظم ١٢/ ٣٤٤.