للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة الخمسون وثلاث مئة (١)

فيها بني مُعزّ الدولة داره المعروفة بالمعزِّية شرقي بغداد، وسببه أن [مُعزَّ الدولة] مرض في أول المحرم بعُسْر البول، فأقام ليلةً فكاد يَتْلَف، فبال آخر الليل رملًا كثيرًا وحصًى صغارًا، فخَفَّ ألمُه، فلما أصبح سلَّم داره وأمواله وأسبابه إلى ولده الأمير عِزّ الدولة بُخْتيار، وخرج في عدَّة يسيرةٍ من غلمانه ليمضيَ إلى الأهواز، فأشار عليه وزيرُه أبو محمَّد المُهَلَّبي بالمُقام إلى أن يَتماثَل، فأقام بكَلْواذى، ثم تنقّل إلى قُطْرَبُّل، فعَزم على أن يبنيَ قصرًا من قُطْرَبُّل إلى باب حَرْب، وأقام يتروَّى، وأمر بضَرْب اللِّبْن وطَبْخ الآجُرّ، ثم انثنى رأيُه إلى الجانب الشرقي، فشَرَع في بناء القصر من البِيعَة التي يقال لها: دار الروم إلى دجلة وبستان [الصَّيمري، وأخذ يهدم ما يلي البستان من العقارات والدور المجاورة له، وعمل ميدانًا من باب بستان] الصَّيمَري وإلى حدود داره عند البِيعة، وبنى الإصْطَبْلات على نهر مهدي، وقَلَع الأبواب الحديد التي على باب مدينة [أبي جعفر] المنصور، والتي بالرُّصافة، ونقض قصورَ الخلافة بسُرَّ مَن رأى.

ووكَّل بابتياع كلِّ العَقارات من الناس العَدْلَين أبا العباس بن مكرم وأبا القاسم بن حَسَّان، ونزل في الأساسات ستةً وثلاثين ذراعًا، وأحكم البناء بالكِلْس والآجُرّ، ولزمه من الغَرامات إلى أن مات ثلاثة عشر ألف ألف درهم، وكان المُشرف على العمارة أبو الفرج محمَّد بن العباس بن فَسانْجِس.

وكان معزُّ الدولة مُقيمًا في بستان الصَّيمَري، وانتقل إلى الدار في ذي القعدة قبل أن يَكْمل بناؤها، ولحق الناسَ في هذا الصُّقْع شدائدُ من الجُند ونزوَلهم دور الناس.

وصادر معزُّ الدولة الكُتَاب أبا علي الخازن (٢)، وأبا الفرج محمَّد بن العباس صاحب الديوان، وأبا الفَضْل الشِّيرازي وغيرَهم، على ألف ألف درهم وست مئة ألف درهم، وجعل ما يُؤخذ منهم (٣) مَصروفًا إلى عِمارة الدار المَذْكورة.


(١) في (م): بعد الثلاث مئة.
(٢) في (م ف م ١): الحارث، والمثبت من (خ).
(٣) في (م ف م ١): من هؤلاء المصادرين.