للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغبِّرين، وكان الصوفيُّ ماجنًا، وكان [عبد الله] بن ذَكْوان جالسًا في مقصورة المنبر بجامع دمشق، فأشار الصوفيُّ إليه وقال: ذاك رئيسُ المغبِّرين، فجاء الرجلُ إلى ابن ذَكْوان، فسلَّم عليه وقال: أنا رجلٌ من أهل الحُرجُلَّة، [فقال: حيَّاك الله، فقال:] وإنَّ أخي عملَ عرسًا، قال: باركَ الله له فيه، قال: فإنَّه أرسلني أطلبُ له اللاعبين، فقالوا: قد منعَهم السلطان، فقال: قد أحسنَ وأجملَ في منعهم، فقال: وقال لي: [و] إن لم تصبهم فأحضر المغبِّرين، وقد أُرشدتُ إليك، فقيل لي: إنَّك رئيسُهم، فقال ابن ذكوان: لنا رئيسٌ، فإن مَضَى معك جئنا، فقال: وأين هو، فأشارَ إلى هشام بن عمار، وكان جالسًا عند المحراب، فجاء الرجل [إلى هشام] فسلَّم عليه وقال: أنا من أهل الحُرجُلَّة، فقال هشام: ما أبالي من أين كنت، فقال: إنَّ أخي محمل عرسًا، قال: فأيش أعملُ به؟! فقال: وقد أرسلني في طلب اللعَّابين، فقال: لا بارك الله فيك ولا فيهم، فقال: وقال لي: إن لم تجد اللعَّابين، فأحضر المغبِّرين، وقد سألتُ عنهم، فقيل لي: إنَّك رئيسُهم، فقال هشام: من دلَّك عليَّ؟ قال: ذاك المجالس، وأشار إلى ابن ذكوان، فقال: قبحك الله وقبَّحَ من دلَّكَ [عليَّ]، ثمَّ قام هشام إلى ابن ذَكْوان وقال له: أَوَقَدْ تفرَّغت لذلك؟! قال: نعم، أنت شيخُنا ورئيسُنا، لو مشيتَ معه لمشينا (١).

[فصل: وفيها توفي]

محمد بن أسْلَم بن سَالم

أبو الحسن الطوسيُّ، الزاهد العابد، كان يشبَّه بالصحابة.

قال إسحاق بن راهويه وكان صديقه: كان يخدمُ نفسَه وعياله ويستقي (٢) من النهر بالجرار في اليوم البارد، وإنا مَرِضَ لا يُخبر بعلَّته [أحدًا] ولا يَتداوى (٣). و [قال إسحاق:] لم أسمع بعالمٍ منذ خمسين سنة كان أشدَّ تمسُّكًا بأثرِ رسول الله منه.


(١) تاريخ دمشق ٣٢/ ٢٩٩ - ٣٠٠. وما سلف بين حاصرتين من (ب). وانظر ترجمته أيضًا في تهذيب الكمال ١٤/ ٢٨٠، ومعرفة القراء ١/ ٤٠٢.
(٢) في (خ) و (ف): ويسقي. والمثبت من (ب).
(٣) ذكره ابن الجوزي في المنتظم ١١/ ٣٠٢ من كلام محمد بن رافع. وفي كون إسحاق بن راهويه صاحب محمد بن أسلم نظر. انظر حلية الأولياء ٩/ ٢٣٩.