للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا تُبَيْع فذكره ابن سعد في الطبقة الثَّانية من التّابعين من أهل الشام، وكان عالمًا، قرأ الكُتب، وسمع من كعب كثيرًا، وكُنيته أبو عُبيد، وقيل: أبو عامر (١).

مُعَيْقيب

ابن أبي فاطمة الدَّوْسيّ الأزْديّ، حليفُ بني عبد شمس بن عبد مَناف، أسلم بمكة قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، وقيل: رجع إلى بلاد قومه، ثم قَدم مع وَفْد الأشعريّين ورسول الله بخيبر، فشهدها، وعاش إلى خلافة عثمان رضوان الله عليه، وهو من الطبقة الثَّانية من المهاجرين، وكان قد أسرع إليه الجُذام.

قال محمود بن لَبيد: أمَّرني يَحْيَى بن الحكم على جُرَش، فقَدمتُها، فحدّثوني أن عبد الله بن جعفر حَدَّثهم، أن رسول الله قال لصاحب هذا الوَجع -يعني الجُذام: "اتَّقوه كما يُتَّقى السَّبُعُ، إذا هبط واديًا فاهبطوا غيرَه"، فقلتُ لهم: والله لئن كان ابنُ جعفر حدَّثكم هذا ما كَذبكم، فلما عَزلني يَحْيَى عن جُرَش، قدمتُ المدينة، فلَقيتُ عبد الله بن جعفر، فقلتُ ما حديثٌ بَلَّغني عنك أهلُ جُرَش، وذكرته له، فقال: كذبوا، والله ما حدَّثتُهم هذا، ولقد رأيتُ عمر بن الخطاب يُؤتى بالإناء فيه الماء فيُعطيه مُعَيقيبًا، وكان رجلًا قد أسرع فيه ذلك الوجع- فيشرب منه، ثم يتناوله منه فيضع فيه مَوضعَ فمه فيَشرب منه، فعرفتُ أنما صنع عمر ذلك فرارًا أن يَدخُلَ شيءٌ من العَدْوى.

وكان يَطلُب له من الطِّبِّ من كل مَن سمع له بطبّ، حتَّى قدم عليه رجلان من أهل اليمن، فقال: هل عندكما من طِبٍّ لهذا الرجل؟ فإن الوَجع قد أسرع فيه، فقالا: أمّا شي: يُذهبُه فلا، أو فإنا لا نقدر، ولكنا سنداويه دواءً يَقِفُه ولا يَزيد، فقالا له: هل تُنبتُ أرضُك الحنظلَ؟ قال: نعم، قالا: فاجمع لنا منه، فأمر فجُمع منه مِكتَلَين عظيمين، فعمدا إلى كلِّ حَنظلة فشَقّاها نِصفَين أو ثِنتين، ثم اضطجعا مُعيقيبًا، ثم أخذ كلُّ واحدٍ منهما بإحدى قدمَيه، ثم جَعلا يَدلُكان بطون قدميه بالحنظلة، حتَّى إذا امَّحَقَتْ أخذا الأخرى، حتَّى رأيا مُعَيقيبًا يَتنخّم أخضرَ مُرًّا، ثم أرسلاه، فقط لا لعمر: لا يَزيد وَجعه بعد هذا، فوالله ما زال مُعَيقيب متماسكًا، [لا يزيد] وجعه حتَّى مات.


(١) طبقات ابن سعد ٩/ ٤٥٥، والسير ٤/ ٤١٣ والمصادر فيه، والإصابة ١/ ١٨٧.