للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليَّ عَهْدي. فقال: أَتَعزِلُني وما اختبرتني؟ أما واللهِ لو كُنَّا ببطحاء مكة على السَّواء لما فعلتَ بي هذا! فقال معاويةُ: لو كُنَّا ببطحاء مكة لكان منزلي بالأبطح حيث يَنْشَقُّ عنه الوادي، وكان منزلُكَ بأَجياد؛ أسفلُه عَذِرة، وأعلاه مَذِرَة.

ثم استدعى سفيانَ بنَ عوف الغامديَّ، فكتبَ عهدَه وقال: ما أنْتَ صانعٌ بعهدي؟ قال: أتَّخِذُهُ إمامًا [ما] أمَّ الحُرَم (١)، فإذا خالفَهُ خالفتُه، فقال مُعاويةُ: هذا واللهِ الذي لا يُكَفْكِفُ [من عَجَلَة، ولا يُدفع في ظهره من بطء، ولا يُضرب على الأمر ضرب الجمل] الثَّفَال (٢).

ومات سفيان بأرض الرومِ غازيًا سنة اثنتين وخمسين.

وقال الواقدي: سنة أربع وخمسين.

قال الوليد بن مسلم: كتب معاوية إلى الأمصار بنعي سفيان بن عوف، فبكى الناسُ عليه في المساجد. وكان معاويةُ إذا وقع في أمر قال: واسُفْياناه!

[أبو موسى الأشعري]

واسمه عبدُ الله بنُ قَيْس بنِ سُليم بن حَضار (٣) بن حَرب بن عامر بن عَتَر بن وائل بن ناجية بن الجُماهر بن الأشعر، وهو نَبْت بنُ أُدَد بن زيد بن يَشْجُب بن عَرِيب بن زيد بن كَهْلان بن سبأ بن يَشْجُب بن يَعرُب بن قَحطان، من أهل اليمن.

وكان خفيفَ الجسم قصيرًا أَثَطَّ (٤)، وهو من الطبقة الثانية من المهاجرين.

وأمه ظَبْية بنتُ وَهْب، من عَكّ. وقد كانت أسلمت وماتت بالمدينة (٥).


(١) ما بين حاصرتين من "تاريخ دمشق" ٧/ ٣٧٧ (والخبر فيه). ووقع في "أنساب الأشراف" ٨/ ٣٢٢ - ٣٢٣: ما أمَّ الحزم، وفي "العقد الفريد" ١/ ١٣٢: أتخذه إمامًا أمام الحزم.
(٢) الثَّفال من الدوابّ وغيرها: البطيء الثقيل الذي لا ينبعث إلا كرها. وتحرفت في (خ) إلى: النِّعال. والكلام السالف بين حاصرتين من "تاريخ دمشق".
(٣) في جمهرة أنساب العرب ص ٣٩٧: هصَّار.
(٤) يعني قليل شعر اللحية. ينظر "القاموس" ولم ترد اللفظة في (م)، وتحرَّفت في (ب) إلى: أمشط. وفي بعض عبارات (م) تقديم وتأخير عن (ب) و (خ).
(٥) طبقات ابن سعد ٤/ ٩٨ و ١٠٨.