كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان

السنة السابعة والثلاثون بعد المئتين - [ذكر قصة حاتم مع محمد بن مقاتل الرازي ومحمد بن عبيد الطنافسي وأهل المدينة - ج: 15 - ص: 55

كلامُه، فقيل له [في ذلك: إنك كنت تتكلَّمُ فينتفعُ الناس، فقال: ما أحبُّ أن أتكلم] كلمةً قبل أن أُعِدَّ لها جوابًا لله تعالى، فإذا قال لي يوم القيامة: لم قلت: كذا وكذا قلتُ: يا ربّ، قصدتُ كذا وكذا (١).

[ذكر قصة حاتم مع محمد بن مُقَاتل الرازي ومحمد بن عُبيد الطنافسيّ وأهل المدينة

ذكرها ابنُ خميس في كتاب "مناقب الأبرار" عن أبي عبد الله الخواص قال:] (٢) دخلت الريّ مع حاتم الأصمّ، ومعه ثلاث مئة وعشرون رجلًا، ونحن نريدُ الحجَّ، وعليهم الصوف والزُرْمَانقات (٣)، على قدم التجريد، فنزلنا على رجلٍ من التجار متنسِّكٍ يحبُّ الصالحين، فأضافنا تلك الليلة، فلمَّا كان من الغد، قال [الرجل] لحاتم: يا أبا عبد الرحمن، إنِّي أريدُ أن أعودَ القاضي محمد بن مقاتل الرازي، قاضي الريّ وفقيهها، فهو مريض، فقال حاتم: وأنا معك، فعيادةُ المريض عبادةٌ، قال: فجئنا إلى باب داره، وإذا البواب كأنَّه متسلِّطٌ، فبقي حاتم مفكِّرًا يقول: دارُ عالمٍ فقيهٍ تكون على هذه الصفة، ثمَّ أذن فدخلنا، وإذا بفرشٍ وستورٍ معلَّقةٍ وآلة، ثمَّ دخلنا إلى المجلس الَّذي فيه محمد، وإذا بفراشٍ رفيعٍ، وابنُ مقاتلٍ نائمٌ عليه، وحوله [غلمان وقوف في المجلس، فجلس التاجر، وحاتمٌ] قائم، فقال له محمد [بن مقاتل:] اقعد، قال: لا أقعد، قال: ولم؟ قال: لي مسألةٌ إليك أسألُكَها، فقال: سل، قال: اقعد حتَّى أسألك (٤)، فأسندوه فقعد، فقال له حاتم: علمك [هذا] من أين جئت به؟ فقال: حدَّثني به الثقات، قال: عمَّن؟ قال: عن الثقات، قلت: إلى من؟ قال إلى رسول الله ﷺ عن جبريل، عن الله ﷿، قال: فهل سمعتَ فيه أنَّ من كانت دارُه في الدنيا أحسن، وأثاثُه أجمل، وزينتُه أكثر، كانت المنزلةُ له عندَ الله أعظم؟ قال: لا، قال:

---

(١) تاريخ بغداد ٩/ ١٥٣.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب)، ومكانها في (خ) و (ف): وقال أبو عبيد الخواص.
(٣) في (خ) و (ف): والدرمانقات. والمثبت من (ب)، وانظر مناقب الأبرار ١/ ٢٤٧، وفي حلية الأولياء ٨/ ٨٠: الذرنيانقات، وفي الطبقات السنية ٣/ ١٥: الرزمانقات. والزرمانقة: جبة من صوف. معجم الألفاظ الفارسية ص ٧٨.
(٤) في (خ) و (ف): أجيبك. وهو خطأ. والمثبت وما بين حاصرتين من (ب).