للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشعث يرى رأي الخوارج؛ لأنه كان يقول يوم صفين: لقد أنصفَنا قومٌ يدعون إلى كتاب الله، فلما قال ذلك عُلم أنَّه لم يكن على رأيهم.

[ذكر مسير أمير المؤمنين إليهم]

قال أبو مخنف: ونادى علي بالرَّحيل، فعَبَر الجسر، وصلى ركعتين بالقَنْطرة، ثم نزل دير أبي عبد الرحمن (١)، ثم دير أبي موسى، ثم أخذ على قرية شاهي، ثم على دَباها، ثم على شاطئ الفرات.

قال: فلقيه في مَسيرِهِ ذلك مُنَجِّم، أشار عليه أن يسير في وقتٍ من النهار وقال: إن سرتَ في غير ذلك الوقت لقيتَ أنت وأصحابك شِدَّة، فخالفه وسار في الوقت الَّذي نهاه عن المسير فيه. فلما فرغ أمير المؤمنين من أمر الخوارج حمد الله وأثنى عليه وقال: لو سِرْنا في الساعة التي أمرَنا بها المنجِّم لقال الجُهّال الذين لا يعلمون: سار في الساعة التي أمره المنجِّم فظفر.

قلت: كذا ذكر أبو مخنف، وحكاه عنه الطبري (٢)، ولم يذكر اسم المنجِّم. ووقعتُ بقصَّة هذا المنجِّم واسمه في فضائل أمير المؤمنين، وذكرها عند خبر، قال (٣): سرْنا مع أمير المؤمنين إلى النَّهروان، فاعترضه مُنَجِّم يقال له: مُسافر بن عوف الأحمر، فقال له: يا أمير المؤمنين، لا تسِرْ في هذا اليوم، وتربّصْ ليستوي الطَّالع، فقال علي: الله لا إله إلا هو، وعلى الله فليتوكّل المؤمنون، وقال الله لنبيه محمد ، ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيرِ﴾ [الأعراف: ١٨٨] وسمعتُ رسول الله يقول: "مَن صَدّق مُنَجِّمًا بما يقول فقد كَذّب بما أنزل الله على محمد"، وما كان لرسول الله مُنَجّم، ولا للخلفاء بعده، ثم قال لمسافر: هل تعلم ما في بطن فرسي هذه؟ قال: إن حَسبتُ علمتُ، قال: مَن صدَّقك بهذا القول فقد كَذَّب بالقرآن؛ قال الله تعالى ﴿إنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْسَّاعَةِ﴾ الآية [لقمان: ٣٤]، ما كان محمد يَدَّعي ما ادَّعيتَ علمَه، فمن صَدّقك كان كمن اتَّخذ


(١) في الطبري ٥/ ٨٣: دير عبد الرحمن.
(٢) في تاريخه ٥/ ٨٣.
(٣) كذا؟!