للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من دون الله أندادًا، اللهمَّ لا طائر إلّا طائرك، ولا خير إلا من عندك.

ثم قال: نحن نُكذِّبك ونسير في الساعة التي نهيتَ عنها، ثم قال أيها الناس، إيّاكم وتعلُّم النُّجوم، إلا ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر، المنجم كافر، والكافر في النار، والمنجمون أعداء الله والرسل، يخالفون الله ويخالفونهم، والله يا أحمر، لئن بلغني بعد اليوم أنك تنظر في النجوم، وتعمل بها؛ لأجْلِدَنّك جَلْدَ المفتري، ولَأُخَلِّدَنَّك في الحبس ما بقيت، ولَأَحرِمَنَّك العطاء ما كان لي سلطان.

ثم قال: فتحنا بلاد كسرى وقيصر وتُبَّع بغير قول منجِّم، المنجِّمون أضداد الأنبياء، لا يرجعون إلى كتاب، ولا إلى شريعة، وإنما يتستَّرون بالإسلام ظاهرًا، ويستهزؤن بالأنبياء باطنًا، فهم الذين قال الله ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ (١).

وفي رواية أن الأحمر قال له: لا تَسِرْ في هذ! اليوم؛ فإن القمر في العقرب، فقال أمير المؤمنين: قَمرُنا أو قَمرُهم.

ثم سار إلى المدائن، فخرج إليه سعد بن مسعود الثقفيّ عمّ المختار بن أبي عبيد، فسار معه إلى النهر.

وقال هشام بن محمد وأبو مخنف وغيرهما: لما نزل أمير المؤمنين قريبًا من النهروان بعث إلى الخوارج: ادفعوا إلينا قَتَلَة إخواننا منكم أقتلْهم بهم، ثم إني تاركُكُم وعافٍ عنكم حتَّى ألقى العدوّ، ولعل الله أن يُقبل بقلوبكم، ويرُدّكم إلى أحسن ما كنتم عليه من أمركم. فبعثوا إليه: كلّنا قتلهم، وكلّنا مُستَحِلٌّ لدمائكم وأموالكم، أو لدمائهم.

وفي رواية أبي مخنف: أن رسول علي كان قيس بن سعد بن عُبادة، فقال لهم: عباد الله، أخرِجوا طَلِبَتَنا منكم، فادخلوا في هذا الأمر الَّذي خرجتم منه، وعودوابنا إلى قتال عدوّنا وعدؤكم؛ فإنكم قد ركبتم عظيمًا من الأمر، تشقُّون عصى المسلمين، وتسفكون دماءهم، وتعدُّونهم مشركين. فقال له عبد الله بن شجرة السُّلَمي: إن الحقَّ قد أضاء لنا، فلسنا متابعيكم، أو تأتونا بمثل عمر، فقال: ما نعلمه غير صاحبنا، قالوا: لا نعرفه، قال: نَشَدْتُكم في أنفسكم أن تهلكوا، فإني لا أرى الفتنة إلا


(١) أخرجه بنحو ما ذكر المصنف: الحارث بن أبي أسامة في مسنده (٥٦٤) (زوائد).