للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقائلةٍ لمَّا عَمِرْتُ وصار لي … ثمانون عامًا عِشْ كذا وابْقَ واسْلَمِ

ودُمْ وانتَشِقْ روحَ الحياةِ فإنَّه … لأَطْيَبُ مِنْ بيتٍ بصَعْدَةَ مُظْلِمِ

فقلتُ لها عُذْري لديك مُمَهَّدٌ … ببيتِ زهيرٍ فاعْلَمي وتَعَلَّمي

سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومَنْ يعشْ … ثمانينَ حَوْلًا لا محالةَ يَسْأَمِ

يحيى بن محمَّد (١)

ابن محمَّد بن محمَّد بن محمَّد [أربع مرات] (٢)، أبو جعفر، العَلَوي، الحسني البَصْرِي [ويعرف بابن أبي زيد] (٢)، ولي نقابة الطَّالبيين بالبَصْرة بعد أبيه مُدَّة، وقرأ الأدب [على أبي عليّ بن الأحمر الحِمَّاني بالبَصْرة، وسمع الحديث من أبيه وغيره] (٢).

ومولده سنة ثمانٍ وأربعين وخمس مئة، وقدم بغداد، ومدح الإِمام النَّاصر بقصائد [وكان رقيق الشِّعْر، مليحَ النَّظْم، وأجاز لي شعره] (٢)، وتوفي ببغداد في رمضان، ودفن بمقابر قريش، ومن شعره: [من البسيط]

هذا العقيقُ وهذا الجَزْعُ والبانُ … فاحبسْ فلي فيه أوطارٌ وأوطانُ

آليت والحُرُّ لا يلوي ألِيَّتَه … أنْ لا يَلَذَّ بطِيبِ النَّوْمِ أجفانُ

حتى تعودَ لياليَّ التي سَلَفَتْ … بالأَجْرَ عَينِ وجيراني كما كانوا

أيَّام أغصانِ وَصْلي غير ذاويةٍ … ورَوْضها خَضِلٌ والعُمْرُ ريعانُ

يا حبَّذا شجرُ الجَرْعاءِ من شَجَرٍ … وحبذا رَوْضُهُ المُخْضَلُّ والبانُ

إذا النسيمُ سرى مالتْ ذوائِبُهُ … كأنَّما الغُصُنُ الممطورُ سَكْرَانُ

فللنَّسيمِ على الأغصانِ هَينَمَةٌ … وللحَمَامِ على الأَفْنان أَلْحانُ

وبارقٍ لاحَ والظَّلْماءُ داجيةٌ … والنَّجْمُ في الأُفُقِ الغَرْبيِّ حَيرانُ

هفا فذكَّرَني هيفاءَ ضاحكة … فلم أَنَمْ وعرى هَمٌّ وأحزانُ

كتمتُ حُبَّكِ والأجفانُ تُظْهِرُهُ … وليس للحُبِّ عند العين كِتْمانُ

غادرتِ بالغَدْرِ في الأحشاءِ نار جَوًى … ومُذْ هجرتِ ففيضُ الدَّمْعِ غُدْرانُ


(١) له ترجمة "التكملة" للمنذري: ٢/ ٣٧٩، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٢٧٩، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).