للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورثاه جماعةٌ منهم عليُّ بن محمد بن بَسَّام فقال: [من البسيط]

لله درُّكَ من مَلْكٍ بمَضْيَعَةٍ … ناهيكَ في العَقْل والآداب والحسَبِ

ما فيه لولا ولا ليتٌ فتُنْقِصُهُ … وإنَّما أدرَكَتْه حِرْفةُ الأدَبِ (١)

محمد (٢) بن داود بن الجَرَّاح

أبو عبد الله، الكاتب، عمُّ علي بن عيسى الوزير.

ولد سنة ثلاث وأربعين ومئتين، وكان عالمًا بأخبار النَّاس والخلفاء والوزراء، وله المصنَّفاتُ في ذلك، وقد ذكرنا خروجه مع ابن المعتزِّ واختفاءَه عند انحلال أمره، فاستتر محمد عند موسى بن عيسى كاتبِ مؤنس الخازن، فعرض له رقعةً على الوزير ابن الفرات، فلمَّا قرأها قال: يقول له: أمْرك بعدُ طريٌّ، فتوقَّف حتى تَخْلَق القضيةُ، ثمَّ لاطِفْ في أمرك، فلمَّا عاد موسى بالجواب وَقع له أنَّ ابنَ الفرات أشار بإشارة لتستمرَّ نكبته، فقال: أيّ ذنب لي حتَّى أستترَ؟ ومضى إلى دار سَوْسَن الحاجب، فاستأذن عليه فلم يُصدّق، وأذن له، ثمَّ أنهى خبره إلى المقتدر، فأمر بتسليمه إلى مؤنس الخازن، فسلَّمه إليه، فقتله، فلمَّا ورد الخبر إلى ابن الفرات بقتله اغتمَّ غمًّا شديدًا، وبكى حتَّى قال جلساؤه: ما كنَّا نظنُّ به ذلك، فقال: كان في عداوته لي عاقلًا، وكان من أقرب أعدائي انقيادًا إلى ما أريد، ومع ذلك فكان كاتبًا، فاضلًا، عارفًا بالخراج والجيش، والحديث، والأدب، والشِّعر، ظريفًا، شجاعًا، سخيًّا، سَمْحًا، كريمًا.

وقال ثابت بن سنان: جاء رجل إلى حاجب ابن الفرات فقال: عندي للوزير نصيحةٌ فاطلب لي الإذنَ عليه، فأخبره فأذن له، فقال: أخرج مَنْ عندك، فأخرجهم، فقال: محمد بن داود بن الجراح في الدَّار الفلانية في المكان الفلاني، والبارحةَ بتُّ عنده، فقال له: إن كنت صادقًا فلك عندنا ألف دينار، وإلا عاقبتُك، ثمَّ قال: احتفِظُوا به في جانب الدَّار حتَّى نجمع الرِّجال.


(١) ما لم ينشر من أوراق الصولي ص ٤٢، وتاريخ بغداد ١١/ ٣٠٨، والمنتظم ١٣/ ٨٩، وجاء بعدها في (ف) و (م ١): انتهت ترجمة ابن المعتز، والحمد لله وحده، وصلَّى الله على أشرف خلقه محمد وآله وصحبه وسلم.
(٢) من هنا إلى آخر السنة ليس في (ف) و (م ١).