للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا قدَّسَ الله امرءًا لم يَقل … عند دُعَائي لكَ آمينا

فأمر له بأربعين ألفًا (١).

ومن العجائب أنَّه سلَّم على المتوكِّلِ بالخلافة ثمانيةٌ كلُّهم ابنُ خليفة؛ منصور بن المهدي، والعباس بن الهادي، وأبو أحمد بن الرشيد، وعبد الله بن الأمين، وموسى بن المأمون، وأحمد بن المعتصم بن الرشيد، ومحمد بن الواثق، والمنتصرُ بن المتوكِّل (٢).

وفيها توفي

حبيبُ بن أوس

ابن الحارث بن قيس، أبو تمَّام الطائيّ، وأصله من قرية جَاسِم بحَوْرَان، وهي التي يقول عديُّ بن الرقاع فيها: [من الكامل]

وكأنَّها وسط النساء أعارها (٣) … عينيه أحورُ من جَآذِر جاسمِ

وسنَانُ أقصدَهُ النعاسُ فرنَّقت … في عينه سِنَةٌ وليسَ بنائمِ (٤)

ولد سنة ثمانٍ وثمانين ومئة، وقيل: سنة تسعين ومئة بناحية مَنْبج، وبها نشأ، ومدح الخلفاء والوزراء، وكان أسمر طوالًا، حلو الكلام فصيحًا، فيه تمتمةٌ يسيرةٌ، وعقلُه أوفرُ من شعوه، وكان أبوه نصرانيًّا خمَّارًا بدمشق، واسمه تدوس فغُيِّرَ بأوس (٥).

وكان بمصر في حداثة سنِّه يسقي الماءَ في المسجد الجامع، ثمَّ جالسَ الأدباء، وأخذ عنهم وتعلَّم منهم، وكان فَطِنًا يحبُّ الشعر، فلم يزل يُعانيه حتَّى قاله فأجاد فيه، وبلغ المعتصم خبرُه فطلبَه، فحُمِل إليه وهو بسُرَّ من رأى، فمدحه بقصائد، فأجازَه وقدَّمه على شعراء زمانه، وقدم بغداد، فجالسَ بها العلماء، وكان ظريفًا حسن


(١) في المنتظم والأغاني: فاستحسن الأبيات وأمر لها بخمسة آلاف درهم.
(٢) المنتظم ١١/ ١٧٨.
(٣) في (خ) و (ف): بين الظباء عقارها. والمثبت من المصادر.
(٤) الشعر والشعراء ٢/ ٦٢٠، والكامل ١/ ١٩٣، والأغاني ٩/ ٣١١.
(٥) تاريخ بغداد ٩/ ١٥٩.