للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترحَّلْتُ عنكُمْ لي أمامي نظرةٌ … وعشرٌ وعشرٌ بَعْدَكُمْ مِنْ (١) ورائيا

وقال أيضًا: [من الطويل]

فعندي زفيرٌ ما تَرقَّى إلى الحشى … وعندي دموعٌ ما بَلغْنَ المآقيا

ولا خيرَ في الدنيا إذا كنتُ حاضرًا … وكان الذي يغرى بهِ القلبُ نائيا

وما شِبْتُ من طولِ السِّنينَ وإنَّما … غُبارُ قضايا الدَّهرِ غطَّى سواديا

وما كلُّ مَنْ أومى إلى العزِّ نالهُ … ودونَ العُلى ضربٌ يُدَمِّي النَّواصيا (٢)

ومن نثره: وما أنا إلَّا غرسُه الذي سقاه ماء الكرم، فأثمر الكَلِم، وحسامُه الذي حَلاه، فأهدى إليه من حُلاه.

[السنة السابعة وأربع مئة]

فيها في يوم الجمعة سابعَ مُحرَّم توجَّه فخر الملك من بغداد إلى الأهواز، وقُبِضَ عليه، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

وفيها كانت وقعةٌ بين سلطان الدولة أبي شجاع وأخيه أبي الفوارس، فانهزم أبو الفوارس بعد ما دخل شيراز وملَكَها.

قال هلال بن الصابئ: في يوم الاثنين سابع مُحرم خرج سلطان الدولة من الأهواز لقتال أبي الفوارس، وقدم بين يديه الدَّيلمَ والعساكرَ، وكان أبو الفوارس في شيراز، فخرجَ منها لسبع بقينَ من ربيع الآخر، ولم يتبَعْه أحدٌ من عسكر سلطان الدولة، ودخلَ سلطانُ الدولة البلدَ، وقصد أبو الفوارس كرمان، وتسلَّل إليه الدَّيلم، وكان سلطانُ الدولة قد استوزَرَ الأوحَدَ أبا محمد، فأساء إلى الدَّيلم، وقبض عليهم، فمضَوا إلى أبي الفوارس، وبعث الأوحدُ الجواسيسَ خلفَه، فعادوا، وأخبروه أنَّه (٣) أخذَ طريقَ إصْطَخر على ضعفٍ وقلَّةٍ، فأشار الأوحدُ بتجريد عساكر خَلْفَه، فقال سلطان الدولة: أنا أتبَعُه. فخرج من شيراز، وبلغ أبا الفوارس، فقيل له: ارجِعْ إلى شيراز، فإنَّ أموال


(١) في الديوان: نحوكم لي.
(٢) الأبيات في ديوانه ٢/ ٥٨٦ - ٥٩٠.
(٣) في (خ): أنهم، والمثبت من (ف).