للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مقاتل: لم يحارب (١) من الأنبياء إلا خمسة أولهم إبراهيم، وهو أوَّل من حارب بالعصيِّ، ثم موسى وداود وسليمان ومحمد Object وعليهم أجمعين.

فصل في ذكر قدومه مصر، والجبَّار وسارَة

قال علماء السِّير: أقام إبراهيم Object بالشَّام مدَّة، فقُحط الشام، فسار إلى مصر ومعه سارَة ولوط، وكان بها فرعون، وهو أوَّل الفراعنة -عاش دهرًا طويلًا-.

واختلفوا فيه: قال قوم: هو سنان بن علوان، وقيل: سنان بن الأهبوب أخو الضحَّاك، وهو الذي بعثه إلى مصر، فأقاموا بها.

وكانت سارة من أجمل النساء، فوصفت لفرعون فأرسل يطلبها.

قال أحمد بإسناده عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله Object: "لم يَكْذِبْ إبراهيمُ قطُّ إلا ثلاث كذباتٍ: ثِنتَينِ في ذاتِ اللهِ، قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ وواحدةً في شأنِ سارَة، فإنَّه قدِم أرضَ جبَّار، فقيل له: دَخَل إبراهيمُ اللَّيلة بامرأةٍ من أحسن النساءِ، فأرسل إليه الجبَّار: من هذه معك؟ فقال: أختي، قال: فأرسِلْ بها إلي، فأرسلها إليه، وقال لها: لا تكذِّبيني، فإنِّي قد قُلتُ إنَّك أختي، فما على وجهِ الأرض مؤمن غيري وغيرُك. فلما دَخَلتْ إليه قامَ إليها فأقبلَت تصلِّي وتقولُ: اللهمَّ إن كنت تعلم أنِّي آمنتُ بكَ وبرسولِك وأحصَنتُ فرجِي، إلَّا على زَوجِي، فلا تُسلِّط عليَّ الكافر، قال فَغُطَّ حتى رَكَضَ برِجلَيه، فقالت: اللهمَّ إن يَمُت فيقولوا: هي قتَلتْه، قال: فأرْسِل، فقام إليها، فقالت مثلَ قولها، فَغُطَّ فدعَتْ فَأَفاقَ، فعلَ ذلك أربعًا، فلمَّا أفَاقَ في الرَّابعةِ قال: ما بَعثْتُم إليَّ إلَّا شَيطَانةً، رُدُّوها إلى إبراهيمَ وأَعطُوها خادِمًا، فأَخدَمُوها هاجرَ. فلمَّا جاءَت إلى إبراهيمَ قالت: أشعَرْتَ أَنَّ الله ردَّ كيدَ الفاجِر وأخدَمَ وليدة". أخرجاه في "الصحيحين" (٢)، وهو حديث طويل، وقد روي بروايات كثيرة.


(١) في (ل): يقاتل.
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٩٢٤١)، والبخاري (٢٢١٧)، ومسلم (٢٣٧١).