كان ولده صدر الدين قد قدم من هَمَذَان إلى دمشق، فأقام عنده يسيرًا، ثم بعثه إلى العجم ليوفي دينًا عليه، فخرج من دمشق، فمرض الشيخ عماد الدين، فردَّه من بعض الطريق، فأقام عنده أيامًا، وتوفي عمر ليلة الاثنين ثالث عشرين رجب، ودفن بمقابر الصُّوفية في الشَّرف الأعلى.
سمع عماد الدين جَدَّه محمد بن عمر بن حمُّوية وغيره، وتفقَّه على محمد بن يحيى وغيره، وسلك طريقة الزُّهْد والتصوف، وكان خروجه من خُراسان في فتنة الغُزّ أيام السلطان سنجر، فأقام بهمذان، وبنيت له بها الرُّبُط، وصنَّف الأمالي والرَّقائق، وكان عارفًا بالحساب والجبر والمقابلة وغير ذلك، ولما توفي فوَّض صلاحُ الدِّين إمرة المشيخة إلى ولده صدر الدين، وماتَ صلاح الدين وارتفعت منزلته عند العادل، وسنذكره إنْ شاء الله تعالى.
يحيى بن نجاح (١)
أبو البركات، المؤدِّب البغدادي.
من شعره يمدح المستضيء:[من الخفيف]
أخيالٌ لطَيفِ سُعْدَى يزورُ … أم كذا في الظَّلام تَسْرِي البُدُورُ
طَرَقَ الرَّكْبُ مَوْهِنًا فاهْتَدَى مَنْ … كان عن منهجِ السَّبيل يجورُ
عَبِقَتْ نفحةُ النَّسيمِ بريَّا … هـ ففاحتْ كما يفوحُ العبيرُ
مَنْ عَذِيري من لائمٍ في هواه … وَهْوَ في تَرْكِ لومه معذورُ
يتجنَّى عليَّ تِيهًا ولم أَجْـ … ــــنِ ويجني وذنبُه مغفورُ
وعَذَابُ المُحِبِّ يَعْذُبُ في الحُبِّ … ويلتذُّ بالهوى المهجورُ
يا له من هوًى يقيمُ له ما … بين جنبيَّ منزلٌ مَعْمُورُ
ما على اللَّائمِ المعنِّف لو أَقْـ … ـــصَرَ عني والعاذلون كثيرُ
(١) هو يحيى بن نجاح بن مسعود بن عبد الله اليوسفي البغدادي، له ترجمة في: "خريدة القصر": قسم شعراء العراق: مج ٣ / ج ٣/ ٣٣٣ - ٣٤٢، وذكره ابن الجوزي في "المنتظم": ١٠/ ٢٤٩ في وفيات سنة (٥٦٩ هـ).