للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد العزيز بن أحمد (١)

أبو الحسن، القاضي، الخَرَزي، كان يقضي بحريم دار الخلافة، والمُخَرِّم، وباب الأزج، والنَّهروانات، وطريق خراسان، وكان على مذهب داود بن علي الأصبهاني، تقدَّم إليه وكيلان في حكومةٍ، فاختصما إليه، فبكى أحدهما، فقال القاضي: أرِني كتابَ الوكالة. فرمى به إليه، فنظر فيه، ثم قال: ما رأيتُ في كتاب الوكالة أنه جعل إليك أن تبكي عنه. فضحك الحاضرون، وافترقا.

عيسى بن علي (٢)

ابن عيسى بن داود بن الجرَّاح، أبو القاسم، الوزير بن الوزير، ولد سنة اثنتين وثلاث مئة، وكتب للطائع، وكان فاضلًا، قال أبو يعلى بن الفرَّاء: أنشدني عيسى بن علي لنفسه: [من الخفيف]

ربَّ مَيْتٍ قد صار بالعلم حيًّا … ومُبقَّى قد حازَ جهلًا وغَيَّا

فاقتنوا العلمَ كي تنالوا خلودًا … لا تُعَدُّ الحياةُ في الجهلِ شيَّا

وكان أبو محمد الجوهري يغشاه، فانقطع عنه، فكتب إليه: [من الطويل]

رأيتَ جفاءَ الدَّهرِ لي فَجَفْوتَني … كأنَّكَ غضبانٌ على مع الدَّهرِ

وقال: خرج علينا يومًا، فقال: اللهُ بيننا وبين علي بن الجهم. فقلت له: [من هو علي بن الجهم؟ قال: الشاعر. قلت]: ورآه سيِّدنا؟ قال: لا، ولكن له بيتٌ آذانا به. قلت: وما هو؟ قال: قوله: [من الطويل]

ولا عارَ إنْ زالتْ عنِ الحرِّ نعمةٌ … ولكنَّ عارًا أن يزولَ التَّجمُّلُ

وكانت وفاته ببغداد، ودُفِنَ بداره، حدَّث عن البغويّ وغيرِه، وروى عنه الزهريُّ وغيرُه، وكان ثقة، صحيحَ الأصول، ثابتَ السماع، مُفَنّنًا في العلوم، ومن كلامه: لا يصلُح للصَّدرِ إلا واسعُ الصَّدرِ.


(١) تاريخ بغداد ١٠/ ٤٦٦، والمنتظم ١٥/ ٣٠ والكلام الآتي منه.
(٢) تاريخ بغداد ١١/ ١٧٩، والمنتظم ٣٠/ ١٥ - ٣١، والزيادة الآتية بين حاصرتين منه.