للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثلاثون: في ذكر جوده وإيثاره -

قال ابن عباس: كان النبيُّ أجودَ الناسِ، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضانَ حين يَلقاهُ جبريلُ، وكان يَلقاه في كلِّ ليلةٍ من رمضانَ، فيُدارِسُه القرآن، وكان أَجودَ بالخيرِ من الريحِ المرسلةِ (١).

ولمسلم، عن أنس قال: لم يَكن رسولُ الله يُسأل شيئًا على الإسلامِ إلَّا أعطاه إيَّاه، فأَتاه رجلٌ فسأَلَه، فأمَرَ له بشاء بين جبلين من شاءِ الصدقةِ، فرجعَ إلى قومهِ، وقال: يا قومِ، أَسلِموا فإنَّ محمدًا يُعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقر (٢).

وقال أنس: أُتي النبيُّ بمال من البحرين، فقال: "انثُروه في المسجد" وكان أكثرُ مالٍ أُتي به رسولُ الله فخرج رسولُ الله إلى الصلاة، ولم يَلتفِت إليه، فلما قضى صلاتَه جاء، فجلسَ إليه، فما كان يرى أحدًا إلَّا أعطاه، إذ جاءه العباس، فقال: يا رسول الله، أعطني، فإني فادَيْتُ نفسي، وفادَيْتُ عقيلًا، فقال له: "خُذْ" فحثى في ثوبهِ، ثم ذهب يُقلُّه، فلم يستطع، فقال: يا رسول الله، مر بعضَهُم يَرفَعه عليَّ، قال: "لا فارفعه أنت"، قال: لا، فنثر منه، ثم احتمله فالقاه على كاهله، ثم انطلق، فما زالَ رسولُ الله يُتبعُه بصَره حتى خفي علينا، عجبًا من حِرصه، فما قامَ رسولُ الله وثَمَّ منه درهمٌ (٣).

وعن سهل بن سعدِ الساعدي: أن امرأةً أَتَتْ رسول الله ببُردَةٍ منسوجةٍ، قال سهل: وهل تدرون ما البردةُ؟ قالوا: نعم، قال: هي الشَّملة، فقالت: يا رسول الله، نسجت هذه بيدي، فجئتُ بها لأكسوكَها، فاخذها النبيَّ محتاجًا إليها، فخرج علينا وإنَّها لإزاره فجسَّها فلان بن فلان، رجل سماه، فقال: ما أحسنَ هذه البردة، اُكسُنيها


(١) أخرجه البخاري (٦)، ومسلم (٢٣٠٨).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣١٢).
(٣) أخرجه البخاري (٤٢١).