وفي هذه السنة -وهي سنة أربعين- بُويع الحسن بن علي ﵇ بالخلافة.
فصل في ذكر بيعته وما يتعلّق بها
اتفقوا على أنه بويع بالخلافة في شهر رمضان هذه السنة، وإنما اختلفوا في الوقت الذي بويع فيه على ثلاثة أقوال:
أحدها: في اليوم الذي استُشهد فيه أمير المؤمنين، قاله الواقدي.
والثاني: في الليلة التي دُفن فيها أمير المؤمنين.
والثالث: بعد وفاته بيومين، قاله ابنُ الكلبي.
وأول من بايعه قيس بن سعد بن عبادة قال: امدد يدك أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله، فكان ذلك يأتي على كل شرط، وبايعه الناس.
وفي رواية: أن قيس بن سعد قال له: وعلى قتال المخالفين، فقال له الحسن: كتاب الله وسنة رسوله يأتي على ذلك كله، فبايعه.
قلت: وولي الحسن الخلافة وسِنُّه ما بين الثلاثين إلى الأربعين، ولم يبلغ الأربعين؛ لأنه ولد في السنة الثالثة من الهجرة على ما ذكرنا، وقد اتفق لجماعة من الخلفاء مثل هذا؛ منهم: عبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن الوليد، وأخوه إبراهيم بن الوليد، وهشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد، ومن بني العباس: السفّاح، والمهدي (١)، والهادي، والواثق، والمهتدي، والمعتضد، والقاهر، والمتقي، والمطيع، والطائع، كلُّ هؤلاء وَلوا الخلافة ولم يبلغوا الأربعين.
وقال الزهري: كان تحت يد قيس بن سعد سبعون ألفًا، وقيل: أربعون ألفًا، وهو الأصح لما نذكر.
وقال الواقدي: لما بويع الحسن خطب فقال:
(١) كان في المخطوطتين: ويزيد بن الوليد وأخوه إبراهيم ومن بني السفاح العباس وهشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد والمهدي، فأصلحته كما ترى، وانظر تلقيح فهوم أهل الأثر ٨٦ - ٨٧.