للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا صاحبيَّ انْهدا بي نحو مَعْهَدِهِ … فالقَلْبُ صَبٌّ بمرآه ومَرْعاه

واسْتَعْطِفاه لِمَتْبُولِ الفُؤادِ لقىً … عساهُ يُنْعِشُ مُلْقاه بمَلْقاهُ

فإنْ سَخَتْ لي يداه فاشْكُرا يدَهُ … وإنْ سَطَتْ بي كَفَّاه فكُفَّاهُ

واسْتَصرِخا بنصير الدِّين تَعْتَلِقا … من الذِّمامِ بأَوْفاه وَأَوْفاهُ

هو المجيبُ دُعا الدَّاعي فكمْ أَمَلٍ … نادى نَدَاه فأمضاه وأنضاه

وكم إليه لجا مِنْ دَهْرِهِ رَجُلٌ … فعمَّه الدَّهْرُ (١) إذْ ألجاه والجاهُ

طَوْدٌ أَشمُّ فأمّا حين تَسْأَلُهُ … فما أَرَقَّ محيَّاه وأَحْياهُ

وسائِلٍ عن معاليه فقلتُ له … قولًا تَحَقَّقَ معناه ومغناه

هو النُّضارُ المُصَفَّى سِرُّ جَوْهَرِهِ … والنَّاسُ مِنْ بَعدُ أشباهٌ وأَشْباهُ

توطَّدَ المُلْكُ إذْ عانَتْهُ هِمَّتُهُ … واسْتَبْشَرَتْ حين راعاه رعاياه

فالدِّينُ والعِلْمُ والأقوامُ قاطبة … راضونَ عن سَعْيهٍ واللهِ، واللهُ

فاسمعْ مديحًا فصيحًا قد أتِيْتَ به … مِنْ خادمٍ لك أَنشْاه وَوَشَّاهُ

هذي أياديك عندي، والكريمُ إذا … ما أَوْدَعَ العُرْفَ مَنْ والاه والاه

من أبيات (٢)

السنة السَّابعة عشر وخمس مئة

فيها في المحرَّم رحل المسترشد من بغداد، وقرأ عليه في مسيره أبو الفرج محمد بن عمر الأَهْوَازي جُزْء ابن عَرَفة (٣)، وحمل أعلامَهُ خَدَمُه الخواصّ وكذا الشمسة، وسببه أَنَّه بلغه أنَّ جماعة من الباطنية [قد] (٤) قدموا بغداد في زِيِّ الأتراك، فاحْتَرَزَ، وقال: لا يَدْنُ مني غير الخدم الخواصّ. وسار إلى النِّيل (٥)، ورتَّبَ سُنْقُر البُرْسُقي العساكرَ


(١) في "الخريدة" الأمن، وهو الأشبه.
(٢) انظر القصيدة مع اختلاف في بعض الألفاظ وترتيب الأبيات في "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ج ٤/ مج ٢/ ٦٠٨ - ٦١٤.
(٣) هو جزء حديثي للحسن بن عرفة المتوفى سنة (٢٥٧ هـ). وكان قد بلغ علو الإسناد إلى حديثه زمن المسترشد وما بعده، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ١١/ ٥٤٧ - ٥٥١، و"الرسالة المستطرفة": ٨٧.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) النيل: بليدة في سواد الكوفة قرب حلة بني مزيد، "معجم البلدان": ٥/ ٣٣٤.