للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوفي أيضًا ببغداد من نواب القضاء نزل بهم القضاء المحتوم: ابن الرُّطَبي المحتسب، وابن البَنْدنيجي العَدْل، وابن الغُبَيري، والكل في شهرٍ واحد، فابن الرُّطَبي مات يوم الاثنين ثالث عشر رمضان، وابن البَنْدنيجي في رابع عشره، وابن الغبيري في خامس عشره] (١).

وفيها توفي

القاهر، صاحب الموصل (٢)

وترك ولدًا صغيرًا طفلًا اسمه محمود، فأخرج بدر الدين لؤلؤ زَنْكي أخا القاهر من المَوْصل، واستولى عليها.

[السنة السادسة عشرة وست مئة]

في أول المحرَّم أخرجه المُعَظَّم القُدْس؛ كان قد توجَّه إلى أخيه الكامل إلى دِمْياط، وبلغه أَنَّ طائفةً من الفرنج على عَزْمِ القُدْس، فاتَّفق الأمراء على خرابه، وقالوا: قد خلا الشَّام من العساكر، فلو أخذه الفرنج حكموا على الشَّام. وكان بالقُدْس العزيز عثمان، وعِزُّ الدِّين أيبك أستاذ الدَّار، فكتب إليهما المعظم بخرابه، فتوقَّفا، وقالا: نحن نحفظه. فكتبَ إليهما المعظم: لو أخذوه لقتلوا كلَّ مَنْ فيه، وحكموا على دمشق وبلاد الإِسلام، فألجأتِ الضرورة إلى خَرَابه، فشرعوا في السُّور أَوَّل يوم من المحرَّم، ووقع في البلد ضَجَّةٌ عظيمة [مثل يوم القيامة] (١)، وخرج النِّساء المخدَّرات والبنات، والشُّيوخ والعجائز، والشُّبان والصِّبْيان إلى الصَّخْرة والأقصى، فقطَّعوا شعورهم، ومزَّقوا ثيابهم بحيث امتلأتِ الصخرة ومحراب الأقصى من الشُعور، وخرجوا هاربين، وتركوا أموالهم وأثقالهم، وما شكُّوا أنَّ الفرنج تُصَبِّحُهُمْ، وامتلأت بهم الطُّرقات، فبعضهم إلى مِصْر، وبعضهم إلى الكَرَك، وبعضهم إلى دمشق، وكانت البنات المخدَّرات يمزقن ثيابهن، ويربطنها على أرجلهن من الحفا، ومات خَلْقٌ كثير


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) له ترجمة في "الكامل": ١٢/ ٣٣٣، و"التكملة" للمنذري: ٢/ ٤٢٨، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٣١٠، وفيه تتمة مصادر ترجمته.