للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توفي

أحمد بن علي بن أحمد (١)

أبو العَبَّاس بن الرِّفاعي، شيخ البطائحيين، كان يسكن أم عَبِيدة (٢)، وكان له كراماتٌ ومقامات، وأصحابه [على ما بلغني] (٣) يركبون السِّباع، ويلعبون بالحَيَّات (٤)، ويتسلَّق أحدهم في أطول النَّخل، ثم يُلْقي نفسه إلى الأرض ولا يتألَّم، ويجتمع عنده كلّ سنة في المواسم خَلْقٌ عظيم.

قال المصنِّف : حكى لي بعضُ أشياخنا قال: حَضَرْتُ عنده ليلة نصف شعبان، وعنده نحو مئة ألف إنسان، قال: فقلتُ له: هذا جمع عظيم، فقال: حُشِرْتُ محشرَ هامان إنْ خَطَرَ ببالي أني مقدَّم هذا الجمع. وكان متواضعًا، سليمَ الصَّدْر، مجرَّدًا من الدُّنيا، وما ادَّخر شيئًا قط.

[(٥) وحكى لي بعضُ أصحابه أنه رآه] في المنام في مقعد صِدْقٍ مرارًا، ولم يخبره، وكان للشيخ أحمد امرأةٌ بذيئة اللسان، تَسْفَهُ عليه وتؤذيه، فدخل عليه الذي رآه في مقعد صدق يومًا وبيد امرأته مِحْراكُ التَّنُّور، وهي تضربه على أكتافه، فاسودَّ ثوبه وهو ساكت، فانزعج الرجل، وخرج من عنده، فاجتمع بأصحاب الشيخ، وقال: يا قوم، يجري على هذا الشيخ من هذه المرأة هذا وأنتم سكوت؟! فقال بعضهم: [مهرها ثقيل، قال: ما مهرها؟ قال:] (٣) مهرها خمس مئة دينار، وهو فقير. فمضى الرجل، وجَمَعَ خمس مئة دينار، وجاء بها إلى الشيخ في صينية، فوضعها بين يديه، فقال: ما هذا؟ قال: مهر هذه السَّفيهة التي فعلت بك كذا وكذا. فتبسَّم، وقال: لولا صبري على ضَرْبها ولسانها ما رأيتني في مقعد صِدْق.


(١) له ترجمة في "الكامل": ١١/ ٤٩٢، و"وفيات الأعيان": ١/ ١٧١ - ١٧٢، و"الوافي بالوفيات": ٧/ ٢١٩، و"العبر" الذهبي: ٤/ ٢٣٣، و"سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٧٧ - ٨٠، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) هي قرية، وقد ضبطها كذلك ابن خلكان في وفياته: ١/ ١٧٢.
(٣) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) قال الذهبي في "العبر": "ولكن أصحابه فيهم الجيد والرديء، وقد كثر الزغل فيهم، وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات، وهذا لا عرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه، فنعوذ بالله من الشيطان".
(٥) في (ح): ورآه بعض أصحابه في المنام، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).