للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

ثم ملك بعده النعمان بن المنذر بن امرئ القيس، وهو الذي يقال له: أبَيْتَ اللَّعْنَ، ومعناه: أبَيْتَ أن تأتي ما تُلْعَنُ عليه. وكانت تحية الجاهلية فنسخها الإسلام. وأمه: سلمى بنت وائل، كَلْبية، وأمّها الشُّقيقة بالضم. وهو صاحب النابغة الذّبياني مدحه وهجاه، قال يهجوه: [من الخفيف]

خَبّروني بني الشُّقيقةِ ما يمْـ. . . نَعُ فَقْعًا بقَرْقَرٍ أن يَزولا (١)

والشُّقيقةُ بنت عَبَّاد بن زيد بن عمرو بن ذُهْل بن شيبان، وهي أمُّ سيَّارٍ وسمير وعبد الله وعمرو بن أسعد بن همَّام بن مُرّة بن ذُهل بن شيبان، وكانوا سيَّارة مرَدَة لا يأتون على شيءٍ إلا أفسدوه.

وكنية النعمان أبو قابوس، قال النابغة: [من البسيط]

نُبّئْتُ أن أبا قابوسَ أوعدني. . . ولا قَرارَ على زَأْرٍ من الأَسَدِ (٢)

ومن مديح النابغة -واسمه زياد بنُ معاوية أبو أُمامة- في النعمان قصيدته المشهورة (٣): [من البسيط]

يا دارَ ميّةَ بالعلياء فالسَّنَدِ … أَقْوَتْ وطال عليها سالفُ الأَبَدِ

وقفتُ فيها أُصيْلالًا أُسائلُها … عَيَّتْ جوابًا وما بالرَّبْع من أَحَدِ

إلّا أوارِيَّ لأْيًا ما أُبَيّنُها … والنّؤْيُ كالحَوْضِ بالمظلومَةِ الجَلَدِ

أضحتْ قِفارًا وأضحى أهلُها احتَملوا … أَخنى عليها الذي أخنى على لُبَدِ

ولا أرى فاعلًا في الناسِ يُشْبِهُه … ولا أُحاشي من الأقوامِ من أَحدِ

واحكُم كحكم فتاةِ الحيِّ إذ نظرت … إلى حَمامٍ سِراعٍ واردِ الثَّمَدِ

وهذه القصيدةُ قالها معتذرًا إلى النعمان لمّا بلغه أنه تعرّض لزوجته المتجرِّدة.

والنابغةُ من الطبقة الأُولى من المتقدِّمين على سائر الشعراء، وهو أحد شعراء الجاهلية المشهورين، وأحدُ الأشراف الذين غَضَّ منهم الشعر.


(١) ديوانه ص ٩٩، والفقع: ضرب من الكمأة، والقرقر: الأرض المطمئنة الرخوة اللينة.
(٢) ديوانه ص ٣٦.
(٣) هي المعلقة، وهي في ديوانه ص ٣٠ فما بعدها، وسلف أن كنيته أبو ثمامة، وقد كني بابنتيه أمامة وثمامة، انظر الشعر والشعراء ١٥٧.