للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان خصيصًا بالنعمان ومن ندمائه، فرأى زوجةَ النعمان المتَجرّدةَ، وقد سقط نَصيفُها ودِرعُها فسترت وجهها بيدها.

وكان النعمان أَبرشَ قبيحَ المنظر، وكان من نُدمائه المنخَّلُ اليَشْكُري الشاعر، وكان من أجمل العرب، وكان يُرمى بالمتجوِّدة، ويتحدَّث للعرب أن ابْنَي النعمان كانا منه، فلما رآها النابغةُ قال: [من الكامل]

سَقط النَّصيفُ ولم تُرِدْ إسقاطَه … فتَناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليدِ (١)

وأوَّلُها:

من آلِ ميّةَ رائحٌ أو مغتدِي … عَجْلانَ ذا زادٍ وغيرَ مزوَّدِ (٢)

لو أنها عَرضَتْ لأَشمَطَ راهبٍ … يخشى الإله صَرورَةٍ مُتَعَبّدِ

لصَبا لبَهْجَتِها وحُسْنِ حديثها … ولَخالَه رُشْدًا وإن لم يَرشُدِ

ووصف بطنَ المتجردة وظهرها وغيرَ ذلك، فغار المنخَّل، وقال للنعمان: ما يَقدِرُ أن يقولَ هذا الشعر إلا من جرَّب. فغضب النعمان وتنكَّر له، وعزْم على قتله. فهرب النابغةُ إلى الشام، فالتجأ إلى عمرو بن الحارث الأصغر بن الحارث الأعوج بن الحارث الأكبر بن أبي شَمِر الغَسّاني، وأُمّه مارِيَة بنت ظالم الكِنْديّة ذات القُرطَين، وأُختها هند الهنود امرأة حُجْرٍ آكل المُرار، فمدحه النابغة وقال: [من الطويل]

كليني لهمِّ يا أُميمةَ ناصِبِ … وليلٍ أُقاسيه بَطيءِ الكواكبِ

ومنها:

ولا عيبَ فيهم غير أن سيوفَهم … بهنَّ فُلولٌ من قِراع الكتائب

تَقُدُّ السَّلوقيَّ المضاعَفَ نَسْجُه … وتُوقِدُ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِب (٣)

ومدح النعمانَ بن الحارث الأصغر الغساني أخا عمرٍو الذي التجأ إليه، فقال وقد رآه يمشي وهو غلام: [من السريع]

هذا غلامٌ حَسَن وَجْهُه … مُقتَبلُ الخيرِ سريعُ التَّمامْ


(١) ديوانه ص ٤٠.
(٢) ديوانه ص ٣٨.
(٣) ديوانه ص ٩، ١١، وانظر الشعر والشعراء ١/ ١٦٦ - ١٦٧، والأغاني ١١/ ١٤ - ١٦.