للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأتتنا صيحة تهـ … ـوي من الأفق البعيد

فتوافينا كزرع … وسط بيداءٍ حصيدِ

قلت: والعجب من جدي كيف حكى مثل هذه الحكاية ولم يتبيَّن ما فيها (١)، فإنَّ في إسنادها عبد الله بن لهيعة، وقد ضعَّفه في "الواهية" وقال: كان مدلسًا، وتكلَّم فيه الدَّارقطني وغيره.

ثم ذكر فيها معاوية، وأين كعب الأحبار من زمن معاوية؟ وليَ الأمر في سنة إحدى وأربعين وكعب مات في سنة اثنتين وثلاثين. ثم العقول السليمة تأبى مثل هذا؛ لأنَّ شدَّاد بن عاد له ألوف السنين، وما كان في العالم من يقف على هذه المدينة إلا ابن قلابة، وكان رجلًا بدويًّا، وكم قد مرَّ بتلك الأرض من ملوك اليمن مثل التَّبابعة وغيرهم.

[فصل في وفاة هود]

واختلفوا في أي مكان توفي على أقوال:

أحدها: بأرض الشِّحْر من بلاد حضرموت، وقبره ظاهر هناك ينزل عليه النّدى والطلّ في شدّة الحرّ، وموضعه أحرّ الأماكن، وقد ذكره ابن سعد في "الطبقات" (٢).

والثاني: بمكة، لمّا أهلك الله قومه أمره أن ينزل بمكّة بمن معه من المؤمنين، قاله مجاهد.

والثالث: بجامع دمشق بالحائط القبلي (٣). والأوَّل أظهر.

وعاش هود مئة وخمسين سنة، وحكى الخطيب عن ابن عباس أنه عاش أربع مئة وستين سنة، وكان بينه وبين نوح ثمان مئة سنة.

[قصة لقمان بن عاد صاحب النسور]

قد ذكرنا أنه كان في الوفد (٤)، وسأل الله طول العمر، فأعطاه عمر سبعة أنسر، كان


(١) التبصرة ٢/ ١٣٧، وعرائس المجالس ١٤٩ - ١٥٠.
(٢) في (ل): في حائط القبلة، والمثبت من (ب) و (ط).
(٣) "الطبقات الكبرى" ١/ ٥٢.
(٤) يعني الوفد الذي خرج من قوم عاد إلى مكة ليستَسقوا لقومهم. انظر الصفحة ٣٤٥.