للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما فيهم من الشهوات (١)

وقال ابن مسعود: فداروا حول العرش أربعة آلاف سنة يعتذرون من اعتراضهم.

واختلفوا في كيفية عذاب الملكين على أقوال:

أحدها: أنهما معلَّقان بشعورهما إلى قيام الساعة، قاله ابن مسعود.

والثاني: أنهما مكبَّلان بالحديد من أقدامهما إلى رؤوسهما، قاله قتادة.

والثالث: أنَّ جبًّا ملئ نارًا وجعلا فيه، قاله مجاهد (٢).

وحكى أبو إسحاق الثعلبي: أنَّ رجلًا قصدهما ليتعلَّم السحر، فوجدهما معلَّقين بأرجلهما، مزرقَّة عيونهما، مسودَّة جلودهما، ليس بين ألسنتهما والماء سوى أربعة أصابع، وهما يصيحان: العطش العطش!. فلما رأى ذلك هاله مكانهما، فقال الرجل: لا إله إلا الله، وقد نهيا عن ذكر الله، فلمَّا سمعا كلامه قالا: من أنت؟ فقال: رجل من أمَّة محمد ، قالا: وقد بُعث؟ قال: نعم، فقالا: الحمد لله، واستبشرا وقالا: هو نبيُّ الساعة، وقد دنا [انقضاء عذابنا] (٣).

قال الله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ أي: ابتلاء واختبار، فينصحاه وينهياه ﴿فَلَا تَكْفُرْ﴾ [البقرة: ١٠٢] أي بتعليم (٤) السحر.

فصل في حكم السَّاحر والسَّاحرة

قال أبو حنيفة : يكفر السَّاحر بسحره ويقتل، أمَّا المرأة السَّاحرة فتحبس ولا تقتل، سواء كان الساحر من أهل الإسلام أو من أهل الكتاب.

وقال الشافعي: لا يكفر بسحره، فإن قَتَلَ بسحره قُتِلَ به.

وقال أحمد: يكفر بسحره قَتل أو لم يَقتل. وهل تقبل توبته؟ فيه روايتان.

وأما ساحر أهل الكتاب فلا يقتل عند أحمد إلا أن يضرَّ بالمسلمين فيقتل، لنقض


(١) "كتاب التوابين" (٢).
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٥٣ - ٥٤، و"زاد المسير" ١/ ١٢٥.
(٣) "عرائس المجالس" ص ٥٤. وما بين معقوفين زيادة منه.
(٤) كذا في النسختين (ب) و (ل)، وصوابه: بتعلم.