للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العهد، وسواء في ذلك الرجل والمرأة (١). وعنده وعند الشافعي (٢).

قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ وإنما وحد الفتنة وهما اثنان لأنَّ الفتنة مصدر، والمصادر لا تثنَى ولا تجمع. وفي مصحف أبي بن كعب: "وما يعلِّمان من أحد حتَّى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر" سبع مرَّات وفي مصحف ابن مسعود "وما يعلّم الملكان من أحد".

وقال مقاتل: فإن أبى إلَّا التعليم قالا: ائت ذلك الرماد فَبُلْ عليه، فإن بال عليه خرج منه نور الإيمان والمعرفة ساطعًا في السماء، وينزل شيء أسود فيدخل في مسامعه شبيه الدُّخان، فذلك غضب الله تعالى وسخطه.

وقال مجاهد: الملكان لا يصِل إليهما أحد وإنما يختلف إليهما شيطان في السنة مرَّة واحدة.

ومعنى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَينَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ [البقرة: ١٠٢] وهو أن يبغض كل واحد منهما صاحبه ويؤخذ عنه.

قرأت على شيخنا الموفق المقدسي : بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قدمت امرأةٌ من دُومة الجَنْدَل تبتغي رسول الله بعد موته -حداثةَ ذلك- تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعلم به، قالت عائشة لعروة: يا ابن أختي فرأيتها تبكي حتى إني لأرحمها، تقول: إني أخاف أن أكون قد هَلَكت، كان لي زوج فغاب عنِّي، فدخلت إلى عجوز فشكوت إليها فقالت: إن فعلت ما آمرك به جعلته يأتيك، فلما كان اللَّيل جاءتني بكلبين أسودين فركبتُ أحدهما، وركبَتِ الآخر، فلم يكن كثيرًا حتى أتينا بابل، فإذا برجلين معلَّقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ قلت: أتعلَّم السِّحر. فقالا: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ فلا تكفري وارجعي، فأبيت، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، فذهبت إليه ففزعت ولم أفعل شيئًا فرجعت إليهما، فقالا: أفعلتِ؟ قلت: نعم، قالا: فما رأيت؟ قلت: لم أر شيئًا. فقالا: كذبت لم تصنعي شيئًا. ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنَّك على رأس أمرك. قالت: فذهبت


(١) انظر "زاد المسير" ١/ ١٢٦.
(٢) لم يتضح لنا المراد من هذه العبارة، وانظر المغني لابن قدامة ١٢/ ٢٩٩ - ٣٠٦.