للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عكرمة: حدثني ابن عباس قال: وقف رسولُ الله بالحَزْوَرةِ وقال: "واللهِ إنَّكِ لَمِنْ أَحَبِّ أَرْضِها إليَّ، وإنَّكِ لخيرُ البلادِ أو لَخيرُ أَرضِ اللهِ، ولَولا أنَّ قَومَكِ أَخرَجُوني مِنْكِ لَما خَرَجتُ" (١). "وإنَّما أُحِلَّت لي ساعةً مِن نَهارٍ، وقَد عادَت كحُرْمتِها بالأمسِ" (٢).

وعن أبي هريرة قال: لما فتح الله على رسوله مكة قام فيهم فحَمِد الله وأثنى عليه ثم قال: "إنَّ اللهَ حَبَسَ عن مكَّةَ الفيلَ، وسَلَّطَ عليها رسُولَه والمؤمنِينَ، وإنَّما أُحِلَّت لي ساعةً مِن نهارٍ"، ثم قال: "هي حَرامٌ إلى يَومِ القِيامَةِ لا يُعْضَدُ شَجَرُها، ولا يُنَفَّر صَيدُها، ولا تَحلُّ لُقَطَتُها، ومَن قُتِلَ له قتيلٌ فهو بخير النظرين: إمَّا أن يفدى، وإمَّا أن يَقْتُلَ". فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه، فقال: يا رسول الله، اكتبوا لي. فقال: "اكتبُوا لأَبي شاهٍ". قيل: للأوزاعي: ما قوله: اكتبوا لي؟ ما يكتبون له؟ قال: خطبته التي سمعها. متفق عليه (٣).

[صعود بلال على ظهر الكعبة]

فأذَّنَ وصعد وقريش في رؤوس الجبال، منهم الخائف ومنهم من يطلبُ الأمان، فلما قال: "الله أكبر" تزعزت بيوتُ مكّة، فلما قال: "أشهد أن لا إله إلَّا الله" خرَّت الأصنام سجَّدًا، فلما قال: "وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله" تقول جويرية بنت أبي جهل: لقد أكرم الله أبا الحكم حيث لم يسمع نهيق عَبْدِ بني جُمَح على ظهر الكعبة، قد لعمري رفع لك ذكرك، أما الصلاةُ فنصلي، ولكن والله ما نحب من قتل الأحبة أبدًا. وقال خالد بن سعيد بن العاص: الحمد لله الذي أكرم أبي فلم ير هذا اليوم ولم يسمع هذا الصوت. وقال الحارث بن هشام: واثكل أُماه ليتني مِتُّ قَبل اليوم. وقال الحكم بن مروان: هذا والله الحدث العظيم، أن يصيح عبد بني جمح ينهق على بنيَّة أبي طلحة.

وقال سهيل بن عمرو: إن كان هذا سخطًا من الله فسيُغيّره، وإن كان لله فيه رضى


(١) لم نقف عليه من حديث ابن عباس، وأخرجه أحمد في "مسنده" (١٨٧١٥) من حديث عبد الله بن عدي الزهري .
(٢) أخرجه البخاري (١٠٤)، ومسلم (١٣٥٤) من حديث أبي شريح العدوي .
(٣) البخاري (٢٤٣٤)، ومسلم (١٣٥٥).