للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلال وعثمان بن طلحة، فلما بلغا رأس الثنية أرسل عثمان فجاءه بالمفتاح فاستقبله به، قالوا: وكان عثمان قدم على رسول الله مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاص مسلمًا قبل الفتح، فخرج معنا من المدينة (١).

وقال الواقدي: وكان رسول الله قد قبض السقاية من العباس وقبض المفتاح من عثمان، فلما جلس قال: "ادعوا إليَّ عثمان" فدعي له عثمان بن طلحة، وكان رسول الله ] قد قال لعثمان بن طلحة يومًا بمكة وهو يدعوه إلى الإسلام والمفتاح بيد عُثمان: "لعلَّكَ يا عثمانُ ترى هذا المفتاح بيَدِي أَضَعه حيثُ شِئتُ"، فقال له عثمان: لقد هَلكَت قُريشٌ وذلَّت، فقال رسول الله : "بَل عَمَرَتْ وعَزَّت". فلما دفع إليه المفتاح وولى ناداه رسول الله فقال له: "يا عُثمان، أَتَذكُر يَومَ كَذا وكَذا؟ " فذكر عثمان فقال: أشهد أنك رسول الله (٢).

وعن ابن عباس قال: خطب رسول الله يوم الفتح فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: "أَيُّها النَّاسُ، إنَّكم مِن آدَمَ وآدَمُ من التَّرابِ" ثم قرأ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى﴾ [الحجرات: ١٣] ثم قال: "يا مَعاشِرَ قُريشٍ، ماذا تَرونَ أنِّي فاعِلٌ بِكُم؟ " قالوا: خيرًا، قال: "اذهَبُوا فَأَنتُمُ الطُّلَقاءُ". فأعتقهم رسولُ الله وقد كان الله أمكَنَهُ من رِقابهم وكانوا قباله، فلذلك يسمون الطلقاء (٣).

ثم قال: "ألا كل دَيْن ودَمٍ ودَعْوى ومأَثُرةٍ كان في الجاهلية فهو تحت قدمي، وأول ما أضَعُ دمَ ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب" (٤) وذكر بمعنى ما ذكر الواقدي ثم قال: "يا معاشر قريش قد أذهب الله عنكم نَخْوَةَ الجاهلية".

وابن ربيعة بن الحارث اسمه آدم، وقيل: إياس، وقيل: تَمَّام، كان مسترضعًا في بني سعد أصابه حجر فقتله.

قال ابن عباس: إنما خطب بعد الظهر، وفي رواية: خطب في اليوم الثاني.


(١) "المغازي" ٢/ ٨٣٣ - ٨٣٤.
(٢) "المغازي" ٢/ ٨٣٧ - ٨٣٨، وما بين معقوفين زيادة منه.
(٣) انظر "المسيرة" ٢/ ٤١٢، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٦١.
(٤) هذا الحديث إنما هو في حجة الوداع لا في الفتح كما أخرجه مسلم (١٢١٨).