للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تالدةً لا يَنْزِعُها عنكم إلا ظالم" (١).

وفي "زاد المسير": عن ابن عباس أن رسول الله طلب مفتاحَ البيت يوم الفتح من عُثمان بن طلحة، فذهب عثمان ليعطيه إياه فقال له العباس: بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية، فكفَّ عثمانُ يده مخافة أن يُعْطِيَهُ للعباس، فقال النبي : "يا عُثمانُ، هاتِ المفتاحَ" فأعاد العباس قوله، وكف عثمانُ يدَه، فقال رسول الله : "هاتِ المفتاحَ إنْ كُنتَ تُؤمنُ بالله واليومِ الآخِرِ" فقال: هاكه يا رسول الله بأمانة الله، ففتح البيت ودخل فنزل جبريل بهذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ (٢) [النساء: ٥٨].

قال العلماء: هذه الآية وإن نزلت على سبب فهي عامة في الودائع وغيرها من الأمانات.

وقال الواقدي: أمر رسول الله بلالًا أن يمضي إلى عُثمان بن طلحة ويأتيه بالمفتاح، فجاء بلال إليه وقال: إن رسول الله يأمرك أن تأتي بمفتاح الكعبة -[ومفتاح الكعبة] يومئذ عند أمه وهي بنت شُهَيْد - فقال لها عُثمان: يا أماه إن رسول الله قد أرسل يطلب المفتاح، فقالت له: أعيذك بالله أن تكون الذي يذهب بمأثُرةِ قومِه، فقال: لتدفعنَّه إلي أو ليأتينك غيري فيأخذه منك، فأدخلته في حُجْزَتها وقالت: أي رجل يدخل يده ها هنا؟، فبينما هما على ذلك إذ سمع صوت أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما في الدار وعمر يقول: أخرج يا عُثمان، فقالت أمه: يا بنيَّ خُذْهُ أنت أحب إلي من أن يأخذه غيرك، فأتى به رسولَ الله فناوله إياه … وذكر الحديث (٣).

قال الواقدي: وقد سمعت في المفتاح وجهًا آخر عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله [يوم الفتح على بعير لأسامة بن زيد، وأسامة رديف رسول الله ومعه


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٨٠٥٥)، وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (٩٠٧٣) من حديث الزهري بنحوه. وأخرج الطبراني (١١٢٣٤) من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله : "خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم" وانظر "السيرة الشامية" ٥/ ٣٥٧.
(٢) "زاد المسير" ٢/ ١١٤.
(٣) "المغازي" ٢/ ٨٣٣، والحُجْزَةُ: مَعقدُ السراويل والإزار. اللسان (حجز).