ما أجلس حتَّى تطلق العادل. فقلتُ: اقعد، وهو يكرِّرُ الحديث. فسكت، ولو أطلقته لضرب رقابنا كلَّنا، ونام، فما صدَّقتُ بنومه، وقمت فِي باقي الليل، أخذت العادل فِي مِحَفَّة، ودخلتُ به القاهرة، ولما دخلنا القاهرة بعثتُ إليه بعشرين أَلْف دينار، فعادت إليَّ مع غِلْماني. [وذكر قول الناصر له: بُسْ يدي ورجلي. فقلت: ما أظنه يبدو منه هذا، وهو رجل عاقل. فأقسم بالله إن هذا وقع منه.
فصل: وفيها أخذ بدر الدين لؤلؤ سنجار من الجواد بموافقة من أهلها لسوء سيرته، فإنَّه صادرهم، وأخذ أموالهم، وخرج يتصيد، ولجَّجَ فِي البرية، فبعثوا إِلَى بدر الدين، فجاء، ففتحوا له الأبواب، ومضى الجواد إِلَى عانة، فأقام بها، ثم باعها للخليفة.
وفي ربيع الأول ذكر الرفيع القاضي الدرس فِي مدرسة ست الشَّام، واسم الرفيع عبد العزيز بن عبد الواحد الجيلي، وكنيته أبو حامد.
وفي ربيع الأول أُنزل الكامل من القلعة إِلَى تربته بجامع دمشق.
وولي الخطابة العز عبد العزيز بن عبد السلام بجامع دمشق فِي ربيع الآخر.
وخطب الصالح إسماعيل لصاحب الروم بجامع دمشق وغيره.
وفيها تُوفِّي
القاضي شمس الدين الخُوَيي (١)
واسمه أَحْمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، أبو العباس.
كان فاضلًا فِي كل فن، فقيهًا، مناظرًا، عالمًا بعلم الكلام وغيره، وكان لطيفًا، حسن العشرة، كريم الأخلاق، طيب النفس، عفيفًا، وكانت وفاته يوم السبت سابع شعبان، ودفن بقاسيون، وكان قد تيقن الموت لأنه علق به مرض السل، وكان متواضعًا، يمضي إِلَى جامع دمشق، ويجلس بين يدي محمود الضَّرير عند مقصورة الخطابة، فيقرأ عليه القرآن، ومات مديونًا.
(١) له ترجمة فِي "التكملة": للمنذري ٣/ ٥٣٧، و"المذيل على الروضتين": ٢/ ٥٢ - ٥٣، وفيه تتمة مصادر ترجمته.