للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال [لي] (١) الصَّالح لما أخذ مِصْر: حَلَّفني على شيء ما تقدر عليه ملوكُ الأرض؛ وهو أن آخذ له دمشق وحمص وحماة وحلب والجزيرة والمَوْصل وديار بكر وغيرها، ونصف ديار مِصْر، ونصف ما فِي الخزائن من المال والجواهر والخيل والثِّياب وغيرها. فحلفتُ من تحت القَهْر والسَّيف.

ولما عَلِمَ العادلُ والصَّالح إسماعيل والملوك بإخراجه من الحبس رموا النَّاصر عن قوسٍ واحدة، وعزموا على قَصْده، واتَّفقوا عليه، وأَوَّل من برز العادل إِلَى بِلْبيس بالعساكر يريد الشَّام، واختلف العسكر عليه، وقبضوه، وأرسلوا إِلَى الصَّالح يعرفونه، ويسألونه الإسراع، فسار، ومعه الملك النَّاصر، وجماعة من أمرائه ابن موسك وغيره، وكان وصول الصَّالح إِلَى بِلْبيس يوم الأحد رابع عشرين ذي القَعْدة، فنزل فِي خيمة العادل، والعادل معتقل فِي خركاة، وكان [خالي] (١) محيي الدين بن الجوزي بمصر قد خلع على العادل والفلك بن المسيري، فأُخبر بمسكه، فأخرج إِلَى بلبيس وقد خاف.

قال المصنف : وحكى لي الصَّالح واقعاتٍ جَرَتْ فِي مسيره إِلَى مِصْر، منها أَنَّه قال: [والله] (١) ما قصدتُ بمجيء النَّاصر معي إلَّا خوفًا أَنْ تكون معموله عليّ، ومنذ فارقنا غَزَّة تغيَّر عليَّ، ولا شك أَنَّ بعضَ أعدائي أطمعه فِي الملك، فذكر لي جماعةٌ من مماليكي أَنَّه تحدَّث معهم فِي قَتْلي.

قال: ومنها أَنَّه لما أخرجني نَدِمَ وعَزَمَ على حبسي، فرميتُ روحي على ابن قليج، فقال: ما كان قَصْدُه إلَّا أَنْ يتوجَّه إِلَى دمشق أولًا، فإذا أخذناها عُدْنا إِلَى مِصْر.

قال: ومنها أَنَّ ليلة وصلنا [إِلَى] (١) بلبيس شَرِبَ، وشَطَحَ إِلَى العادل، فخرج من الخركاة، وقَبَّل الأرض بين يديه، فقال له: كيف رأيتَ ما أشرتُ عليك، ولم تقبل مني؟ فقال: يَا خوند، التوبة. فقال: طَيِّبْ قلبك، السَّاعة أطلقك، [ثم قال الصَّالح] (١): وجاء، فدخل علينا الخيمة، ووقف، فقلتُ: بسم الله، اجلسْ، فقال:


(١) ما بين حاصرتين من (ش).