للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّ نارَ الهوى أحرُّ من الجمـ … ــر على قلبِ عاشقٍ يَتقلَّى (١)

نجاح بن سَلَمَة

كان على ديوان التواقيع للمتوكِّل، وكان يتتبع العُمَّال ويرافعهم، فسعى بهم إلى المتوكِّل، فكان ممَّن سعَى به الحسن بن مَخْلد، وموسى بن عبد الملك، وأنَّهما قد خانا، وأنَّه يَستخرج منهما أربعين ألف ألف درهم، فقال له المتوكل: تعال غدًا لأدفعهما إليك، فأصبحَ غاديًا إلى دار المتوكِّل، فلقيَه الوزيرُ عبيدُ الله [بن يحيى] (٢) بن خاقان، وكان الحسن وموسى من أصحابِه، فقال لنجاح: ما الذي دعاكَ إلى ما فعلت؟! أنا أصلح بينكما (٣)، ومهما شئتَ أخذتُ لك منهما، وتكتب رقعةً للمتوكِّل أنك كنت سكران، ولم يزل يخدعه حتى كتبَ رقعةً بما قال الوزير ذلك خوفًا على نفسه، وأخذ الكتابَ ودخل الوزيرُ على المتوكِّل، وقال: يا أمير المؤمنين، قد رجعَ نجاح عمَّا قال، وهذا خطُّه، والحسن وموسى يكفلان بما رُفِع عليهما، فقال سلِّمه إليهما، فسلَّمه إليهما وولديه وكاتبه، فأقرُّوا بأموالٍ عظيمة، وضُرِبَ حتى مات، وقيل: عصروا خصيتيه فمات، فقال الشاعر: [من البسيط]

ما كان يَخشى نجاحٌ صَوْلةَ الزمنِ … حتى أُديل لموسى منه والحَسَنِ

غدا على نِعَمِ الأحرارِ يَسلبُها … فراحَ صفرًا سليبَ المالِ والبدن (٤)

وقيل: إنَّه أخذَ منهم ثلاث مئة ألف دينار، وقيل: إنَّ الحسنَ كان على ديوان الضياع، وموسى على ديوان الخراج، وكانا لا يخالفان الوزير فيما يأمرُهما به، وكان نجاح بن سَلَمة ينادمُ المتوكل، فرفع عليهما كما ذكرنا.

وقيل: إنَّ المتوكِّل لما عزم على بناء القصر الجعفريِّ قال له نجاح: يا أمير المؤمنين، أسمِّي لك أقوامًا تأخذُ منهم ما تبني به قصرك ومدائن، قال: نعم، فسمَّى الحسن وموسى، وعيسى بن فَرُّخَنشاه وغيره (٥).


(١) تاريخ بغداد ٤/ ٢٨٣ - ٢٨٤، والمنتظم ١١/ ٣٣٨ - ٣٣٩.
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٢١٤، وانظر تمام الخبر فيه.
(٣) كذا، وفي تاريخ الطبري: بينك وبينهما.
(٤) انظر تاريخ الطبري ٩/ ٢١٧، والمنتظم ١١/ ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٥) تاريخ الطبري ٩/ ٢١٥ - ٢١٦.