للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نَهاوَند على عمر بكى، فقال له عبد الرحمن بنُ عَوف: ليس هذا مكانَ بُكاءٍ وحُزنٍ، لكن بُشرى من اللَّه وفَتخ، فافرحْ واحَمد اللَّه فقال: ويحكَ يَا ابن عوفٍ، إنَّه واللَّهِ ما كثُرتِ الصفراءُ والبيضاءُ في قومٍ قط إلا فُتِنُوا وتقاتلوا وتدابَروا، حتى يُدَمِّرَ اللَّه عليهم.

قال: وجعل أبو لؤلؤةَ لا يَلْقَى من السَّبي صغيرًا إلَّا ووضع يده على رأسهِ ومسحها وبكى، ولا يَلقى كبيرًا إلا اشتكى إليه وقال: أكل عمرُ كَبدي، وكان أبو لؤلؤة من نَهاوَنْد.

وكان عمر يقول: ما بتُّ بليلةٍ بعد وفاةِ رسولِ اللَّه أعظم من ليلةِ نَهاوَنْد خَوفًا على المسلمين.

وروى دَعْلَجُ بن أحمد [بإسناده] عن شَقِيق بن سَلَمة الأسدي: أنَّ عمرَ جهَّزَ سَلمة ابن قيس الأَشْجَعيَّ إلى فارس، وأنه أصاب سَفَطَيْنِ من جنْسِ السَّفَطَيْنِ اللذَين ذكرناهُما، وأنه بعث بهما إلى عمر برِضى المسلمين، وأنه ردَّهما على سَلَمة بعد أن وَقف عليهما بالمدينةِ، وأنَه أمره فقسمهما بين الغانمين (١)، وهي قصة طويلة حاصلها ما ذكرنا.

فصل: وحجَ بالناس عمرُ بن الخطاب، وكان عُمّاله في هذه السنة على الأمصار الذين كانوا في العام الماضي.

فصل وفيها تُوفّي

الأغلبُ بن جُشَم

ابن سعد بن عِجْل بن جُشَم، كان شاعِرًا مُفْلِقًا فصيحًا، عُمِّر دهرًا طويلًا؛ فيقال: إنه عاش في الجاهلية مئة وثلاثين سنة، ثم أسلم وهاجر ونزل الكوفةَ واختطَّ بها، وشهد القادسية، وهو أوّلُ مَن قال الأراجيزَ على قولِ هشام.

ولما ولّى عمر المغيرة بنَ شُعبة الكوفة قال له: اكتب إليَّ مما قال الشعراء في الإِسلام، فأحضر لبيدًا والأغلب، وقال: أنشِداني، فأمّا الأغلب فقال: [من الرجز]


(١) المنتظم ٤/ ٢٧٦ - ٢٧٧، ومن قوله: وروى دعلج. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).