للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبلغه أيضًا وفاةُ مجد الدِّين ابن الدَّاية بحلب، وكان صاحبَ أمره، وسار نورُ الدِّين إلى حلب خوفًا عليها من العدو؛ لأن أسوارها تهدَّمت، وفَرَّق العساكر في القلاع خوفًا عليها من العدو؛ لأنها بقيت بغير أسوار.

وفي الزلزلة يقول العماد: [من الخفيف]

سَطْوَةٌ زَلْزَلَتْ بسُكَّانها الأَرْضَ … وهدَّت قواعِدَ الأَطْوادِ

خَفَضَتْ منْ قلاعها كُلَّ عالٍ … وأعادَتْ قِلاعَها كالوادِ

وكانت هذه الزلزلة عامةً في الدنيا، أخربت [قلاع المسلمين وبلادهم بالشَّام و (١)] حلب والعواصم وأنطاكية، ونزلت اللاذقية وجبلة، وجميعَ بلاد السَّاحل إلى الدَّاروم، و [يقال إنَّه] (١) لم يمت بدمشق إلا رجلٌ واحد أصابه حجرٌ وهو على دَرَج جيرون، لأنَّ أهلها خرجوا إلى الصَّحراء.

ثم امتدَّت الزلزلة، وقطعت الفرات، فوصلت إلى المَوْصِل وسِنْجار ونَصِيبين والرُّها وحَرَّان والرَّقَّة ومارِدين وغيرها، وامتدت إلى بغداد وواسط والبَصْرة، وجميع بلاد العراق، ولم يَرَ النَّاس زلزلةً من أَوَّل الإسلام مِثْلَها أفنتِ العالم.

وفيها أمر نور الدين بعِمارة جامع داريَّا القائم الآن، وكان قديمًا عند قُبَّة أبي سليمان الدّارَاني، فأحرقوه لما نزلت الفرنج على داريا في أيام مجير الدين أبق، فعمر نور الدين في هذه السنة هذا الجامع الَّذي في وسط القرية.

[فصل: وفيها توفي

[علي بن] هبة الله (٢)

ابن محمد بن أحمد بن أبي البركات، البخاري، الفقيه الشافعي.

تفقَّه ببغداد على أسعد المِيهني، وسمع أباه، وولي القضاء بقونية من بلد الروم.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) له ترجمة في "التكملة لوفيات النقلة": ١/ ٢٨١ (في ترجمة ابنه علي حوادث سنة (٥٩٣ هـ)، و"الوافي بالوفيات": ٢٢/ ٢٨٣، و"طبقات الشافعية": للسبكي: ٧/ ٢٣٨، و"طبقات الشافعية": للإسنوي: ٢/ ١٧٤، وابنه علي سترد ترجمته في وفيات سنة (٥٩٣ هـ)، وما بين حاصرتين من مصادر ترجمته، وسياق هذه الترجمة.