للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعاد إلى العِلج، فقال له: ما الذي رَدَّك؟ فقال: نظرتُ فيما أعطيتَني، فلم أجد ذلك يَسَعُ بني عميّ، وقد أردتُ أن آتيك بعشرةٍ منهم لتُعطيهم هذه العطيّة، فيكون معروفُك عند عشرة خيرًا [من أن يكون] عند واحد، فقال: صدقتَ، وأرسل إلى البوّاب: لا تقتلْه، وخرج، فلما صالح العِلْج بعد ذلك ودخل على عمرو قال له: أَنْتَ هو، قال: نعم على ما كان من غَدرِك، ولما بلغ ذلك عمر بنَ الخطاب رضوان اللَّه عليه أنكر على عمرو وقال: غَرَّرْتَ بنفسك فلا تَعُدْ، وقيل: إن الواقعة كانت لعلقمة بن مُجزّز (١).

وقال ابن الكلبي -وقد حكاه جدي في كتاب "الأذكياء"- إن الواقعة كانت مع القيقار صاحب غزَّة (٢).

وقال سيف (٣): ثم التقوا بأجنادين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وقُتل بينهم خلقٌ كثير، وهرب الأرطبون إلى إيلياء، وقيل: بل سار على حاميةٍ (٤) حتى نزل القدسَ بجموعه، ونزل عمرو بأجنادين، فأرسل إليه الأَرطبون: واللَّه لا تفتحُ بعد أجنادين من فلسطين شيئًا، فأرجع ولا تتعب، فإنَّ صاحب هذا الفتح رجل اسمه على ثلاثة أحرف، ففهم عمرو أنه عمر، فجمع الأمراءَ وأخبرهم، فقالوا: اكتب إلى أبي عُبيدة، فكتب إليه، وقيل: إن عَمرًا هو الذي كتب إلى عمر، فأخبره بما قال الأرطبون، فعزم عمر على الخروج إلى الشام، وكان في كتاب عمرو إلى عمر: إنَّ القوم قد وجدوا في كُتبهم صفتك، وقد اجتمع ببيت المقدس من الملوك والبطارقة والعظماء والعَدد والعُدد ما لا يدخُلُ تحت حد ولا حصر، فاقدُم لعلَّ اللَّه أن يَجعل هذا الفتح العظيم على يدك.

[ذكر خروج عمر بن الخطاب إلى الشام المرة الأولى]

وقد اختلفوا في صفة قُدومِه، قال علماء السير: وهذه أوَّلُ خَرْجةٍ خرجها في الإِسلام، أما في الجاهلية فقد خرج تاجرًا مرارًا ودخل دمشق. وقيل: إن خَرْجاته إلى


(١) من قوله: فسار فنزل. . . إلى هنا ليس في (ك).
(٢) الخبر في الأذكياء ٤٥ عن ابن الكلبي بين عمرو بن العاص وعلج غزة، كما وردت عن العقد.
(٣) من قوله: وقال ابن الكلبي. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).
(٤) في (أ) و (خ): على حاله.