أليسَ وقوفُنا بدِيارِ هندٍ … وقد سارَ القَطينُ من الدواهي
وهندٌ قد غدَتْ داءً لقلبي … إذا صدَّتْ ولكنَّ الدوا هي
وقد روى عنه الأئمة، ولم يتكلَّم فيه غير عبد الوهَّاب الأنماطي، فقال: العلم يحتاج إلى دين. وكان يتَّهمه بالغلمان.
[السنة السادسة والسبعون وأربع مئة]
فيها في يوم الجمعة لخمسٍ بَقِينَ من صفر خرج توقيع الخليفة إلى الوزير عميد الدولة، فعزله عن الوزارة، نسخته:
لكلِّ أجلٍ كتاب، انصرِفْ من الديوان إلى دارِك، وخَلِّ ما أنت منوطٌ به من نظرِك.
فوصله التوقيع وهو في داره بباب عمروية لم يمضِ إلى الديوان بعد.
قال عميد الدولة: فلمَّا قرأتُه قلت: السمع والطاعة، قد كُنْتُ في الديوان متحملًا للأعباء، وأنا الآن متوفِّرٌ على الدعاء، وكان قد جاءني ليلةَ الجمعة توقيعٌ يتضمن الشكرَ لي والإحماد، والثقةَ والاعتداد، وما يجري هذا المجرى من الجميل الَّذي ما أعرف سببُهُ، فارتبتُ به، وتعجبتُ منه، وما زلتُ مُفكِّرًا فيه ليلتي، فلما جاءني هذا التوقيع الثاني علمتُ أن هذاك لهذا، وحضرني بعض الخواصِّ عُقيب توقيع العزل، فأشار عليَّ بالمقام والتوقُّف والتثبُّت وترك الانصراف، فزاد ارتيابي، ونهضتُ من وقتي، واتفق وصول تارَح الحاجب المنْفَذ من جهة السلطان بكتب منه إلى الخليفة؛ إمَّا أن تستخدمنا وتُوفِّينا حقوقَ الخدمة ورجوعَنا إلى المألوف منه، أو الإذنُ لنا بالانصراف إليه والقدومِ عليه، وكان والدي كتب إليَّ هناك بأننا مُتَّهمون بكلِّ ما يكون منه اعتراضٌ للديوان والحاشية، فإمَّا أن تزول هذه التُّهم عنا، وإمَّا أن ننتقل إلى أصفهان فنُقيمَ هناك في ظلِّ السلطان، وكتب السلطان إلى والدتي وإليَّ بالمبادرة إليه إذا لم يقع من الخليفة إيثار بخدمتنا، ولم يبقَ مع العزل للكتب وإيصالها حكم، فخرجتُ أنا ووالدتي وإخواني وأهلُنا، ورحلنا بعد أن اجتمع الحاجب الوارد وشحنةُ بغداد والعميدُ والعجمُ على باب عمورية بالسلاح، حتَّى خرجنا بأموالنا وأهلنا من غير استئذان الخليفة في ذلك ولا إعلامٍ به، وتعجَّب الناسُ من هذه الحال، ونزلنا في دار المملكة.