للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَئِمْتُ تكاليفَ هذي الحياةِ … وكَرَّ الصَّباحِ بها والمساءِ

وقد صِرْتُ كالطِّفْلِ في عَقْلِهِ … قليلَ الصَّواب كثيرَ الهُرَاءِ

أنام إذا كنتُ في مجلسٍ … وأَسْهَرُ عند دخول الفِناءِ

وقَصَّرَ خَطْويَ قَيدُ المشيبِ … وطال على ما عَنَاني عَنَائي

وما جَرَّ ذلك غيرُ البقاءِ … فكيفَ ترى سوءَ فِعْلِ البقاءِ

الضِّياء بن الزَّرَّاد (١)

الدِّمَشْقي، المقرئ.

كان عالمًا بالقراءات السَّبْع، صَيِّتًا، طَيّب النَّغمة، وكان فقيرًا، سافر من دمشق إلى مَيَّافارقين، واتَّصل بشهاب الدين غازي [بن الملك العادل] (٢)، وأقام عنده، ثم اتصل بالملك الأشرف [موسى بن العادل] (٢).

قال المصنِّف : اجتمعنا بخِلاط سنة ثلاث عشرة [وست مئة] (٢)، وكان يتردَّد إلينا، ويقرأ طيبًا صحيحًا، ثم خَلَّط، ودخل معهم فيما هم فيه.

جاءني يومًا وهو نادمٌ حزين [يبكي] (٢)، فسألته عن حالة، فقال: البارحة حضرتُ عند الأشرف، وناولني قدحًا من الخَمْر، فامتنعتُ من شُرْبه، والأشرفُ ساكتٌ ينظر إليَّ، وما زالوا بي حتَّى شربته، فلما حصل في جوفي عَضَّ الأشرف على يده [بحيث كاد أن يقطع أصابعه] (٢)، وقال لي: والك، فَعَلْتَها! حطَّيتَ الخمر على مئة وأربع عشرة سورة! والله لو خُيِّرْتُ بين أن أحفظ القرآن كما تحفظه وأدع مُلْكي لاخترت حِفْظ القرآن. ثم تُرِكَتْ حُرْمتُه بعد ذلك، فكان يدور البلاد على أصحاب القلاع لرسومٍ كانت له عليهم، فخرج من حَرَّان في هذه السنة قاصدًا إلى السُّويداء، ومعه غِلْمان مُرْدان ثلاثة، فنام في وادٍ وقت الظهر، فقتلوه، وأخذوا خَيلَه وقُماشه وماله، وبلغ الحاجب عليًّا، فأرسل خلفهم، [فجيء بهم] (٣)، فقتلهم.


(١) له ترجمة في "المذيل على الروضتين": ١/ ٣٥٨ - ٣٥٩، و"تاريخ الإِسلام": للذهبي (وفيات سنة ٦٢٠ هـ).
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) في (ح): فجاؤوا، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).