للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة والثمانون وأربع مئة]

فيها فِي المُحرَّم أمر السلطان بعمارة جامع السلطان قريبًا من دار المملكة على باب بغداد، وتولَّى السلطانُ تقديرَه وذَرْعَه بنفسه، وجمع له المنجِّمين وأرباب الرصد والهندسة، وندب للإشراف على عمارته قاضي القضاة أَبا بكر الشَّاميّ، ونقلوا أخشابه من جامع سامرَّاء، وأمر بعمارة الأسواق حول داره، فعوجل فِي هذه السنة، ومطلت عمارة الجامع حتَّى تمَّ سنة أربع وعشرين وخمس مئة.

وفي النصف من ربيع الأول توجَّه السلطان من بغداد إِلَى أَصبهان، وخرج معه الأمير أبو الفضل جعفر بن الخليفة (١).

وذُكِرَ فِي بعض التواريخ أن تُتُش قدم بغداد فِي هذه السنة شاكيًا من آق سنقر، فلم يلتفت السلطان إليه، فترك ابنَه عند السلطان وعاد إِلَى دمشق.

قال المصنف : وهذا بعيدٌ؛ فإن السلطان وصل حلب ولم يَلْتَقِه تُتُش لأنه كان مستوحشًا منه.

وفي يوم الاثنين منتصف ربيع الأول وقت الظهر وهو السادس من نيسان اقترن زُحل والمريخ فِي برج السرطان، وذكر أهل صناعة النجوم أن هذا القرآن لم يحدُثْ مثلُه فِي هذا البرج منذ بُعِثَ النبيُّ وإلى هذه السنة، فكان من تأثير هذا القرآن هلاكُ ملك شاه سيد الملوك، ومقتل نظام الملك سيد الوزراء.

وفي غُرَّة رمضان توجَّه السلطان من أَصبهان إِلَى بغداد بنيةٍ غيرِ مرضيةٍ فِي حقِّ الخليفة، وعزم على تغييره، وكان معه النظام، فقُتِلَ فِي عاشر رمضان فِي الطريق ووصل السلطان [إِلَى] (٢) بغداد ثامن عشر رمضان، وقد حزن على نظام الملك على ما قيل، فلما قارب بغداد خلع الخليفةُ على عميد الدولة جبرًا لمصابه بنظام الملك؛ لأنه صهره على ابنته، ولما نزل السلطانُ داره ثاني عشرين رمضان يوم السبت دخل عليه عميد الدولة وهنَّأه عن الخليفة بمَقْدَمه، وبعث السلطان يقول للخليفة: لا بُدَّ أن تترك


(١) الخبران فِي المنتظم ١٦/ ٢٩٨ - ٢٩٩.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب)، والمنتظم ١٦/ ٢٩٩ - والخبر بنحوه فيه- والنجوم الزاهرة ٥/ ١٣٤.