للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضَّيفُ مُرْتَحِلٌ والمالُ عارِيَةٌ … وإنّما النَّاسُ في الدُّنيا أحاديثُ

فلا تَغُرَّنَّك الدُّنيا وزَهْرَتُها … فإنَّها بعدَ أيامٍ مواريثُ

واعملْ لنفسِكَ خيرًا تَلْقَ نائِلَهُ … فالخيرُ والشَّرُّ بعدَ الموتِ مبثوثُ (١)

محمد بن أحمد بن يحيى، أبو عبد الله العُثْماني، المَقْدِسي (٢)

من ولد محمد الدِّيباج (٣)، وهو من أهل نابلُس، وأصله من مكَّة، ونَزَلَ القُدْس، ولد سنة اثنتين وستين وأربع مئة ببيروت، وسمع الحديث [بمَكة والشام وبغداد] (٤)، وجاور بمكة، وتولَّى عمارة الحَرَم، وقَدِمَ بغداد، وجَلَسَ للوعظ بجامع الخليفة، ودَرَّس بالنِّظامية، وكان له عند الخليفة والنَّاسِ جاه وحُرْمةٌ، لصيانته وعِفَّته ولزومه مسجده (٥).

[قال جَدِّي : وسمعته ينشد: [من الخفيف]

دَعْ جُفوني يحقُّ لي أَنْ أَنُوحا … لم تَدَعْ لي الذُّنوبُ قَلْبًا صحيحا

أَخْلَقَتْ بَهْجتي أكفُّ المعاصي … ونعاني المشيبُ نعْيًا فَصِيحا

كلَّما قلتُ قد برا جُرْحُ قلبي … عادَ قلبي من الذُّنوبِ جريحا

إنما الفوزُ والنَّعيمُ لعبدٍ … جاءَ في الحَشْرِ آمنًا مستريحا

وكانت وفاته ببغداد في صفر، ودفن بمقبرة الوردية، وقيل: إنه مات في سنة سبع وعشرين (٦) وخمس مئة. كذا قال جدي في "المنتظم" (٧)، وقال: هو محمد بن أحمد


(١) الأبيات في "تاريخ ابن عساكر": ١٠/ ٤٢٧.
(٢) له ترجمة في "الأنساب": ٥/ ٣٩٢، و"تاريخ ابن عساكر" (خ) و (س): ٧٤١ - ٧٤٢، و"تبيين كذب المفتري": ٣٢١، و"المنتظم": ١٠/ ٣٣، و"الكامل": ١١/ ٩، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٤٤ - ٤٦، وفيه تتمة مصادر ترجمته، ووفاته عندهم سنة (٥٢٧ هـ).
(٣) هو محمد بن عبد الله بن عمرو بن أمير المؤمنين عثمان، وقد لقب بالديباج لحسنه، قتل سنة (١٤٥ هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ٦/ ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في (ع) و (ح) عقبه: وتوفي ببغداد في صفر بمقبرة الوردية، وقيل: إنه مات سنة تسع وعشرين، وكان قد جمع بين العلم والزهد، والورع وحسن الخلق، وكثرة المروءة، وأنشد -ثم ذكر الأبيات، وقلت: وقد سقت ما في (م) و (ش) بين حاصرتين لما فيهما من الزيادة.
(٦) في (م) و (ش): تسع وعشرين، وهو تحريف، والمثبت مما يستفاد من "المنتظم" ومصادر ترجمته.
(٧) "المنتظم": ١٠/ ٣٧.