للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثامنة والثلاثون]

فيها قُتل محمد بن أبي بكر الصديق ، وولَّى أميرُ المؤمنين الأشتر مصر، ووفاة الأشتر، وسنذكرهما في آخر السنة.

وفيها بعد مقتل محمد بعث معاوية عبد الله بنَ عمرو الحَضْرَمِيَّ إلى البصرة، يدعو أهلها إلى نفسه، وإلى الإقرار بما حَكم به عمرو بن العاص يوم التَّحكيم.

فحكى الطبري عن عُمر بن شَبَّة، عن علي بن محمد، عن أبي الذَّيَّال، عن أبي نَعامة -حديثًا طويلًا اختصرتُه- قال: لما قُتل محمد بن أبي بكر بمصر؛ خرج عبد الله بن عباس إلى علي بالكوفة، واستخلف زياد بن أبيه على البصرة، وقدم ابن الحَضْرميّ من قبل معاوية، فنزل في بني تميم، فأرسل زياد إلى حُضَين بن المنذر ومالك بن مِسْمَع فقال: أنتم يا معاشر بكر بن وائل أنصارُ أمير المؤمنين وثِقاتُه، وقد نزل ابن الحضرمي حيث تَرون، وأتاه مَن أتاه، فامنعوني حتَّى يأتيَني أمرُ أمير المؤمنين -أو رأيُ أمير المؤمنين- فقال حُضَين: نعم، وقال مالك - وكان مائلًا إلى بني أمية، وهو الَّذي لجأ إليه مروان يوم الجمل: هذا أمر لي فيه شركاء، حتَّى أستشير وأنظر، فلما رأى زياد تثاقُلَ مالك خاف أن تختلف ربيعة، فأرسل إلى نافع بن خالد - وكان له صديقًا - فسأله أن يُجيرَه ويَمنعه، فأشار عليه نافع بصَبِرة بن شَيمان الحُدَّاني، فأرسل إليه زياد فقال: ألا تُجيرني وبيت مال المسلمين؟ قال بلى. فتحوّل زياد، ونقل معه المِنبر، فكان يُصلّي زياد بهم الجمعة في مسجد الحُدَّان، ويُطعم الناس.

وكان ابن أبي حاضر (١) مع زياد وجماعة من الأشراف، فاختبرهم زياد، ودَسّ إليهم جابر (٢) بن وهب فقال: يا معاشر الأزد، إن تميمًا تَزعُم أنهم يريدون أن يأخذوا جارَكم وبيت المال، ويخرجوكم من البصرة قهرًا، فذكر ابنُ شَيمان كلامًا يدلُّ على أنَّه يحمي زيادًا، وقال: إن جاء الأحْنَف جئتُ، وذكر أشراف بني تميم، فطاب قلب زياد.


(١) في تاريخ الطبري ٥/ ١١١: أبو أبي حاضر.
(٢) في (خ) و (ع): حاضر، وهو خطأ.